ما الإجراءات التي تتخذها فرنسا من أجل منظومات الأسلحة الفتّاكة الذاتية التشغيل؟

حصة

إن التقدّم التكنولوجي المُحرز في ميادين الذكاء الاصطناعي والأتمتة والتشغيل الذاتي سيجعل ممكنًا ظهور منظومات أسلحة قادرة على استخدام القوة الفتّاكة من دون أي تدخّل بشري. ومع أن هذه المنظومات الشائع تسميتها بمنظومات الأسلحة الفتّاكة الذاتية التشغيل غير متوافرة اليوم، فإن احتمال أن تقوم بعض الجهات الفاعلة في هذا المجال بتطويرها واستخدامها يثير العديد من التساؤلات المتعلقة بالجانب القانوني والأخلاقي على حدّ سواء.

وأكّدت فرنسا بوضوح وهي الحريصة على هذه المسائل أنها لن تطور أسلحة فتّاكة ذاتية التشغيل وعملت على إحالة هذه القضية إلى المجتمع الدولي. وبناءً على هذه المبادرة الفرنسية، باشرت الأمم المتحدة محادثاتها بشأن هذا الموضوع بالذات في عام 2013 في نطاق الاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معيّنة. وتروّج فرنسا في هذا الصدد مع شركائها مجموعة من المبادئ التي من شأنها أن ترعى تطوير منظومات الأسلحة الذاتية التشغيل واستخدامها.

ما التحدّيات المتعلقة بمنظومات الأسلحة الفتّاكة الذاتية التشغيل؟

تحظى تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي بتطبيقات عسكرية متنوعة تثير اهتمامًا تشغيليًا حقيقيًا لدى القوات المسلّحة، في مجالي الاستطلاع أو المساعدة في اتخاذ القرارات. وبصورة عامة لا يرمي تطوير التطبيقات العسكرية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي إلى أن تقوم مقام القيادة البشرية، إنما يسعى إلى مساندتها والنهوض بعملية اتخاذ القرار في الحالات التشغيلية المعقّدة والشديدة التقلّب.

ولكن لا يمكن استبعاد أن يؤدي التقدّم التكنولوجي المحرز في هذا المجال إلى قيام بعض الجهات الفاعلة في المستقبل بتطوير ما يُعرف بتسمية "منظومات الأسلحة الفتّاكة الذاتية التشغيل"، وهي منظومات الأسلحة القادرة على اللجوء إلى القوّة الفتّاكة من دون أي رقابة بشرية، أو بعبارة أخرى، المنظومات القادرة على تعديل إطار المهمة المحددة أو إسناد مهمات جديدة تنفّذها من دون تدخّل بشري.

يثير احتمال تطوير مثل تلك الأسلحة تساؤلات تتعلّق بالجانب الأخلاقي والقانوني.
ليس من المقبول أخلاقيًا أن تُسند مهمة اتخاذ قرار الحياة والموت بالكامل إلى آلات لا تخضع لأي نوع من أنواع الرقابة البشرية. أمّا من الناحية القانونية فيجب أن يعتمد استخدام أي سلاح كان على مسؤولية بشرية لكي يغدو تطبيق القانون الدولي الإنساني الذي يرعى النزاعات المسلّحة ممكنًا.

وانكبّ المجتمع الدولي، الحريص على هذه المسائل، على هذا الموضوع منذ عام 2013 بناءً على مبادرة فرنسية، وقام بإنشاء فريق خبراء حكوميين تابع للاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معيّنة (الصفحة متوافرة باللغة الإنكليزية).

وتتسم النقاشات التي تدور في إطار هذا الفريق بالكثير من التعقيد، أولًا لأن منظومات الأسلحة الفتّاكة الذاتية التشغيل غير الموجودة في الوقت الراهن ليس لديها أي تعريف متّفق عليها على صعيد العالم، وثانيًا لأنه من الضروري عدم عرقلة أنشطة البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي التي تُطبّق على الميدانَين العسكري والمدني.

ما هو موقف فرنسا؟

أكّدت فرنسا بوضوح أن منظومات الأسلحة القادرة على اللجوء إلى القوّة على نحو ذاتي بالكامل تتعارض في الجوهر مع مبادئها وأنها لا تعتزم تطوير مثل تلك الأسلحة. وترتكز الاستراتيجية الفرنسية الخاصة بتطوير الذكاء الاصطناعي الدفاعي على ثلاثة مبادئ أساسية وهي احترام القانون الدولي ومسؤولية القيادة في استخدام السلاح والحفاظ على دور بشري كافٍ في ضبط استخدام الأسلحة.

وبادرت فرنسا في عام 2013 إلى استهلال مباحثات بشأن منظومات الأسلحة الفتّاكة الذاتية التشغيل في الأمم المتحدة، في نطاق الاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معيّنة في جنيف. وتحشد جهودها في هذا الإطار بمعية ألمانيا وشركاء آخرين من أجل التوصّل إلى توافق دولي بشأن مبادئ أساسية ترمي بصورة خاصة إلى ضمان أن يراعي تطوير واستخدام منظومات الأسلحة الذاتية التشغيل في المستقبل القانون الدولي ولا سيّما القانون الدولي الإنساني.

وحققت فرنسا وشركاؤها نتائج مهمة في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 عندما وافقت الدول الأطراف في الاتفاقية المتعلقة بأسلحة تقليدية معيّنة على 11 مبدأ توجيهيًا.
وتؤكّد هذه المبادئ أن القانون الدولي الإنساني يُطبّق على منظومات الأسلحة كافة، بما فيها الأسلحة الذاتية التشغيل، وأن استخدام هذه المنظومات يجب أن يعتمد دائمًا على مسؤولية بشرية. وتشير المبادئ إلى ضرورة التفاعل بين الإنسان والآلة على أن تُحدد طبيعة هذا التفاعل ومداه، وذلك من أجل ضمان احترام القانون الدولي الإنساني عند استخدام تلك الأسلحة. وتذكّر المبادئ أيضًا بأنه يتعيّن على الدول التحقق من شرعية الأسلحة الجديدة التي تطوّرها، عملًا بالبروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف.

وستواصل الدول أعمالها في إطار الاتفاقية في سبيل إثراء مجموعة المبادئ هذه التي ستعتمد عليها في دراسة العناصر الممكنة لوضع إطار معياري وتشغيلي ينطبق على منظومات الأسلحة الفتّاكة الذاتية التشغيل. وستواصل فرنسا دعم هذه المباحثات والمشاركة فيها على نحو فاعل.

التحديث : شباط/ فبراير 2020

روابط هامة