الجزاءات إزاء روسيا وبيلاروس
اعتمد الاتحاد الأوروبي وشركاؤه الدوليين عدة رزم من الجزاءات إزاء روسيا وبيلاروس من أجل مواجهة الحرب العدوانية التي تقودها روسيا ضد أوكرانيا. وتؤثّر هذه الإجراءات، التي تعزّز الجزاءات التي اعتُمدت إزاء روسيا منذ عام 2014 عندما ضمّت شبه جزيرة القرم بصورة غير شرعيّة، بشدّة في الاقتصاد الروسي وسيستمرّ ذلك على نحوٍ يعرقل قدرة روسيا تحمّل كلفة الحرب. ويندرج هذا الالتزام في الأمد الطويل، إذ اعتمد الاتحاد الأوروبي في 18 كانون الأول/ديسمبر 2023 الرزمة الثانية عشرة من الجزاءات.
استعراض الجزاءات المفروضة على روسيا وبيلاروس
أدّى ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم غير الشرعي وشروعها في زعزعة الاستقرار في شرق أوكرانيا إلى اعتماد الاتحاد الأوروبي أولى جزاءاته إزاء روسيا في عام 2014. وعزز الاتحاد الأوروبي نظام الجزاءات المفروضة على بيلاروس في عام 2020 عقب الانتخابات الرئاسية المزوّرة، ثم في عام 2021 بفعل أعمال القمع المستمرة في بيلاروس، وعملية إرغام طائرة ركاب تابعة لشركة رايان إير على الهبوط في أراضيها، وتدبير بيلاروس أزمة مهاجرين مع الاتحاد الأوروبي.
واعتمد الاتحاد الأوروبي منذ شن روسيا حربًا عدوانيةً غير مبررة على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022، اثنتي عشرة رزمةً من الجزاءات إزاء روسيا بالتنسيق مع شركائه الدوليين. وفرض الاتحاد الأوروبي أيضًا جزاءات محددة على بيلاروس بسبب ضلوعها المتنامي في الحرب. ويندرج هذا الالتزام في الأمد الطويل، إذ اعتمد الاتحاد الأوروبي في 18 كانون الأول/ديسمبر 2023 رزمة الجزاءات الحديثة.
وتشمل الرزمات قيودًا على التصدير، ولا سيّما تصدير السلع ذات الاستخدام المزدوج والتكنولوجيا المتقدمة والمركبات والآلات وسلع البناء، وقيودًا على استيراد بعض السلع التي تدر أرباحًا طائلة لروسيا ولا سيّما المطاط الصناعي، ومختلف أنواع الحظر الرامية إلى حماية البنى التحتية الحيوية الأوروبية والحيز الإعلامي الأوروبي.
وتؤثر تلك الجزاءات تأثيرًا شديدًا في الاقتصاد الروسي بالفعل وهو تأثير سيتشدد، ويعيق مواصلة روسيا تحمّل كلفة الحرب.
روسيا
تستند آلية الجزاءات التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي إزاء روسيا، والرامية إلى زيادة أعباء الحرب على كاهل النظام الروسي، على عدة ركائز:
1. الجزاءات الفردية التي ترمي إلى الضغط على الجهات السياسية والاقتصادية التي تدعم النظام الروسي وعلى زعماء الهيئات الانفصالية في دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا التي ضمتها روسيا بصفة غير مشروعة. وتنص هذه الجزاءات على تجميد الأصول ومنع دخول أراضي الاتحاد الأوروبي، وتستهدف أكثر من 1,900 شخص وكيان روسي، من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الشؤون الخارجية سيرغي لافروف.
2. الجزاءات المالية الشاملة التي ترمي إلى نفاد القدرة التمويلية للاقتصاد الروسي، والتي تشمل بصورة خاصة:
- منع المعاملات على أصول المصرف المركزي الروسي واحتياطه والصناديق السيادية الروسية؛
- فرض قيود على شراء الديون السيادية الروسية وعلى التدفقات المالية من روسيا؛
- إقصاء بعض المؤسسات المصرفية الروسية من نظام "سويفت" للرسائل الآمنة، ومن بينها مصرفا سبيربنك (Sberbank) وفي تي بي (VTB) وهما أول وثاني أهم مصرفَين في روسيا.
3. الجزاءات الاقتصادية التي تستهدف القطاعات الرئيسة في الاقتصاد الروسي، مثل قطاعات الطاقة والمواصلات والطائرات والصناعات الدفاعية والمواد الأولية.
وتشمل هذه التدابير بصورة خاصة منع عمليات استيراد وتصدير بعض السلع من روسيا وإليها، مثل الأسلحة الخفيفة والطائرات والمعدات الخاصة بها، والسلع ذات الاستخدام المزدوج، والسلع العالية التقنية، والمستلزمات، وغيرها، فضلًا عن فرض حظر على الذهب ومنع السفن التي ترفع العلم الروسي من الرسو على المرافئ، ومحظورات إضافية على قطاع تزويد الخدمات، وحظر استيراد الطائرات المسيرة عن بعد، والمعدات الكيميائية والبيولوجية والمكونات الإلكترونية في قطاع الطيران وحظر الاستثمار في قطاع التعدين الروسي. وتنصّ الرزمة الثانية عشرة على حظر استيراد الماس من روسيا وشرائه منها ونقله إليها على نحو مباشر أو غير مباشر من روسيا. ويُطبّق هذا الحظر على الماس الروسي والماس الذي تُصدّره روسيا أو يمرّ بأراضيها وسيُطبّق الحظر أيضًا على الماس الروسي الذي جرى تحويله في بلدان أخرى، ابتداءًا من شهر آذار/مارس 2024.
وتستهدف الجزاءات على وجه الخصوص قطاع الطاقة الذي يعد استراتيجيًا من ناحية تمويل كلفة الحرب التي تتكبدها روسيا.
وقرّرت الدول الأعضاء بوجه خاص حظر استيراد الفحم الروسي منذ آب/أغسطس 2022، واستيراد النفط من روسيا عن طريق البحر والنفط الخام منذ 5 كانون الأول/ديسمبر 2022 والمنتجات النفطية المكررة منذ 5 شباط/فبراير 2023، أي ما يكاد يمثّل إجمالي كميّة النّفط الذي تصدره روسيا إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. وتشتمل التدابير التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي كذلك على آلية وضع حد أقصى لأسعار النفط الذي تبيعه روسيا إلى البلدان الأخرى. وتهدف هذه الآلية المكملة للحظر الأوروبي، التي اعتمدت بالتشاور مع التحالف من أجل تحديد سقف أسعار النفط الذي يضم مجموعة الدول السبع والمفوضية الأوروبية وأستراليا، إلى تقليص العائدات التي تحصل عليها روسيا من خلال تصدير النفط مع تجنب حدوث صدمة في الأسعار العالمية. وأفضى اعتماد الرزمة الثانية عشرة من الجزاءات إلى حظر استيراد غاز البروبان السائل.
4. الجزاءات التي تستهدف حملات التضليل الإعلامي والتلاعب بالمعلومات، التي تشمل تعليق بث قنوات "سبوتنيك" و"روسيا اليوم" "وروسيا 24" و"إن تي في" و" روسيا 1" و"رين تي في" و"بيرفي كانال" في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حتى نهاية الاعتداء الروسي على أوكرانيا.
وعلاوة على ذلك، فُرضت قيود محددة على المبادلات التجارية والاستثمارات مع كيانات في منطقتي دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا التي ضمتها روسيا بصفة غير مشروعة يوم 30 أيلول/ سبتمبر 2022. واعتمد الاتحاد الأوروبي بعض الاستثناءات الإنسانية كيلا يعيق إيصال المساعدات إلى السكان الأوكرانيين.
وتم اعتماد إعفاء غذائي جديد محدد الأهداف في كانون الأول/ديسمبر2022، يتيح النظر في عمليات التجارة في السلع الزراعية، التي تشمل الأسمدة، من روسيا إلى دول أخرى ومكافحة انعدام الأمن الغذائي العالمي، على أساس كل حالة على حدة.
وأخيرًا، نُفذت تدابير محددة من أجل مكافحة التحايل على الجزاءات. ووضع الاتحاد الأوروبي "آلية من أجل مكافحة التحايل على الجزاءات"، تتيح للمجلس الأوروبي كملاذ أخير أن يضع قيودًا على التصدير إلى قائمة من البلدان الأخرى وبعض السلع والتقنيات ذات الأولوية التي تتحايل عليها روسيا على نحوٍ منهجي بغية المساهمة في كلفة حربها. وعليه، فقد تستهدف تلك الجزاءات الكيانات والأشخاص في البلدان الأخرى الذين قد ييسرون عملية انتهاك الجزاءات الأوروبية. واعتمد الاتحاد الأوروبي تدابير إزاء كيانات من بلدان أخرى تتحايل على الجزاءات. وحظر مصدرّو الاتحاد الأوروبي تعاقديًا، بعد اعتماد الرزمة الثانية عشرة من الجزءات، إعادة تصدير سلع وتقنيات حساسة بصفة خاصّة إلى روسيا وكذلك إعادة تصديرها بغية استعمالها في روسيا خلال عمليات بيع أو توريد أو نقل أو تصدير إلى بلد آخر باستثناء العمليات إلى بلدان شريكة.
وعزّز الاتحاد الأوروبي التدابير الرامية إلى مكافحة التحايل على آلية وضع سقف لأسعار النفط الخام الروسي.
بيلاروس
تتضمن آلية الجزاءات التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي إزاء بيلاروس بسبب تورطها في الحرب في أوكرانيا، تدابير مماثلة لتلك المعتمدة إزاء روسيا، لكنها تراعي خصائص تطوّر الأوضاع في البلاد عقب الانتخابات الرئاسية المزوّرة في عام 2020.
1. الجزاءات الفردية التي تستهدف الجهات السياسية والاقتصادية التي تدعم النظام البيلاروسي والشخصيات الضالعة في أعمال قمع المعارضة. وتشمل هذه الجزاءات أكثر من مئتي شخصية بيلاروسية وكيان بيلاروسي.
2. الجزاءات المالية التي تتضمن، علاوة على القيود المالية المفروضة على بعض المصارف البيلاروسية والمعتمدة سابقًا، منع المعاملات على احتياط المصرف المركزي البيلاروسي وأصوله، وإقصاء مصارف بيلاروسية عدّة من نظام "سويفت" للرسائل الآمنة.
3. الجزاءات الاقتصادية ولا سيّما تدابير منع الاستيراد من القطاعات الرئيسة في الاقتصاد البيلاروسي مثل المحروقات والبوتاس ووسائل النقل والمواد الأولية.
واعتمد الاتحاد الأوروبي الجزاءات منذ بدء الأزمة بالتنسيق الوثيق مع حلفائه وشركائه الدوليين الذين ينفّذون نظام الجزاءات الخاص بهم، ولا سيّما مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والبلدان الأخرى في مجموعة الدول السبع.
تم تحديث هذه الصفحة في كانون الأول/ديسمبر 2023
روابط هامة
- منظمة حلف شمال الأطلسي