بيان مشترك للجهات المانحة بشأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى السودان صادر عن المملكة المتحدة ووكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة والنرويج والسويد وفرنسا وألمانيا وهولندا وأيرلندا وسويسرا وكندا والمفوّض الأوروبي لإدارة الأزمات

حصة

يعاني سكان السودان من إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وإنّ 25 مليون شخص، يمثلون نصف سكان السودان، بأمس الحاجة للمساعدة. وأجبر القتال بين القوات المسلّحة السودانية وقوات الدعم السريع قرابة 11 مليون شخص على الفرار من منازلهم هربًا من العنف الفظيع والجوع المدقع المستشري منذ اندلاع النزاع قبل 18 شهرًا. وتفتقر النساء والفتيات للحماية بصورة خطيرة، وهو ما يعرضهن لخطر انتشار أعمال العنف الجنسي وانتهاكات خطيرة أخرى لحقوق الإنسان.

وتأكدت في شهر آب/أغسطس حالة المجاعة التي يعاني منها النازحون في مخيم زمزم الذي يأوي أكثر من 500 ألف شخص، وهي المرة الثالثة التي تسجل فيها مجاعة رسمية في القرن الواحد والعشرين. وأُخطرنا في 9 تشرين الأول/أكتوبر، بأن المناطق الحضرية والريفية في جنوب كردفان معرضةً الآن لخطر المجاعة بسبب استمرار الصراع وظروف شبه الحصار التي تواجهها المنطقة، وهو ما يضاف إلى خطر المجاعة المستمر في مناطق دارفور الكبرى.

ويتمثل السبب الجذري الذي أدى إلى هذه المجاعة في النزاع بين القوات المسلّحة السودانية وقوات الدعم السريع وعرقلة الطرفين المنهجية للجهود المحلية الدولية. ودفعت الحرب المدنيين إلى الفرار من منازلهم وشردتهم بعيدًا عن أرزاقهم. وأجبر الناس بصورة متعاظمة على اتباع سبل مؤذية للتأقلم مع هذه الظروف وأمسوا أكثر عرضةً لخطر الاتجار. وتضرر الإنتاج الزراعي بفعل الحرب وتضررت التدفقات التجارية ووظائف السوق، وهو ما أدى إلى تدهور حاد في إنتاج الغذاء وإمكانية الحصول عليه.

أما في منطقة دارفور، فلم يُسمح منذ شهر آب/أغسطس بدخول إلا جزء من المساعدات الضرورية لإطعام 7 ملايين شخص يفتقرون إلى الأمن الغذائي بصورة حادة. وتوفي عدد مجهول من الأشخاص وستزهق الحرب حياة المزيد. ويتطلب الحد من الخسائر في الأرواح الواسع النطاق زيادة المساعدات فورًا وبصورة منسّقة بالتزامن مع إتاحة وصول المساعدات الإنسانية على نحو تام وآمن وبلا أي عراقيل إلى السكان المحتاجين. وندين عرقلة القوات المسلّحة السودانية وقوات الدعم السريع المتواصلة وصول المساعدة الإنسانية في حالات الطوارئ مع أنّ الحالة الراهنة تستدعي ذلك بإلحاح.

وما تزال، بالإضافة إلى ذلك، العراقيل البيروقراطية التي تواجهها مفوضية المعونة الإنسانية في السودان والوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية تعيق إيصال المساعدات على النطاق الذي تتطلبه الحالة الراهنة. ويجب أن تعترف السلطات السودانية بضرورة العمل المشترك مع الجهات الفاعلة في المجال الإنساني في السودان بما يتيح لها تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا على نحو مستقل وبلا عوائق. وستستمر العقبات البيروقراطية التي وضعت أساسًا لعرقلة تسليم المساعدات، على غرار التأخير في إصدار التأشيرات وتصاريح السفر، في منع الدعم الرامي إلى إنقاذ الأرواح في المجتمعات الأكثر ضعفًا، التي تشمل الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان من هجوم قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في شمال دارفور. وإنّ المعاملة التي واجهتها البعثة المشتركة بين الوكالات في دارفور حديثًا غير مقبولة وتبيّن أنّ اتباع هذا السلوك المعرقل متكرر. ويجب أن تتمكن منظمة الأمم المتحدة وجميع شركائها من التواصل مع جميع أطراف النزاع بغية ضمان إيصال المساعدات الرامية إلى إنقاذ الأرواح إلى أشخاص في أمس الحاجة إليها بصرف النظر عن مكانهم.

ويجب أن يمتثل الطرفان بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي بغية حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني. ويعني ذلك عمليًا إزالة جميع القيود العشوائية المفروضة على معبر آدري الحدودي مع تشاد، ومنها المهلة المحددة بثلاثة أشهر، وفتح جميع الطرق الممكنة عبر الحدود بلا عوائق، والاتفاق على طرق لتقديم المعونة الإنسانية عبر خطوط النزاع. ونذكّر في هذا الصدد التزام رئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان الواضح برفع جميع القيود عن الأعمال الإنسانية وإزالتها.

ونشيد بتنفيذ التعهدات التي قطعت في المجال الإنساني خلال المؤتمر الإنساني الدولي من أجل السودان والبلدان المجاورة الذي عقد في باريس في 15 نيسان/أبريل ونثني على التقدم الذي أحرزته مجموعة "متحالفين من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان" من حيث تحسين عبور الحدود والخطوط. وندعو القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى الوفاء بالتزاماتها وبواجبتها والامتثال لها من أجل الشعب السوداني.
واجتمع الشهر المنصرم قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة ودعوا إلى وقف أعمال القتال فورًا وإلى العمل الملّح من أجل دعم السودان. وبات يمثل ذلك حاجةً منقطعة النظير، ولا سيّما بفعل تصعيد أعمال القتال الذي يؤدي إلى النزوح والدمار وإزهاق الأرواح.