التعاون النقدي بين أفريقيا وفرنسا: فرنك الجماعة المالية الأفريقية

حصة

تربط اتفاقات تعاون نقدي فرنسا بثلاث مناطق نقدية أفريقية، وهي الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، والجمعية الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا، واتحاد جزر القمر.

ويضم فرنك الجماعة المالية الأفريقية بالفعل ثلاث عملات مختلفة، وقد تثار أحيانًا تساؤلات بشأنه أو حتى قد تنتشر عنه معلومات غير صحيحة.

ونستعرض فيما يلي بعض الأسئلة الشائعة في هذا الصدد.

1/ ما هي البلدان التي يشملها فرنك الجماعة المالية الأفريقية؟

يمثل فرنك الجماعة المالية الأفريقية العملة المشتركة لدول "منطقة الفرنك" التي استحدثت في نهاية ثلاثينات القرن الماضي عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية. وتضم منطقة الفرنك ثلاث مناطق لكل واحدة منها مصرفها المركزي الخاص وعملتها الخاصة، وهي:

  • منطقة الاتحاد النقدي لغرب أفريقيا التي تضم 8 دول أعضاء وهي بنن وبوركينا فاسو وكوت ديفوار وغينيا - بيساو ومالي والنيجر والسنغال وتوغو. وتستخدم تلك البلدان فرنك الجماعة المالية الأفريقية لغرب أفريقيا،
  • منطقة الاتحاد النقدي لوسط أفريقيا التي تضم 6 دول أعضاء وهي الكاميرون والكونغو وغابون وغينيا الاستوائية وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد. وتستخدم تلك البلدان فرنك الجماعة المالية الأفريقية لوسط أفريقيا،
  • ويستخدم اتحاد جزر القمر الفرنك القمري.

2/ ما هي فائدة هذا التعاون النقدي للبلدان الأفريقية؟

يوفر التعاون النقدي إطارًا اقتصاديًا مستقرًا من أجل انتهاج سياسات اقتصادية في المناطق الثلاث.

ويتسم تثبيتها نسبةً إلى سعر اليورو بمزايا عدة لأنّه يعزز قدرة الاقتصادات على الصمود في مواجهة الصدمات الاقتصادية الكلية ويتيح كبح التضخم من خلال ضمان استقرار العملة، وهو ما يسهم في تعزيز التبادل والاستثمار.

ويتبلور ذلك في القدرة النسبية على الصمود التي اتصفت بها بلدان منطقة الفرنك في مواجهة الأزمة الصحية في عام 2020 مقارنةً بسائر بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، إذ أشار صندوق النقد الدولي في تشرين الأول/أكتوبر 2021 أنّ منطقة الفرنك سجلت نموًا بلغت نسبته +0،3 في المئة في عام 2020 مقارنةً بنسبة ركود بلغت -1،7 في المئة في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء. ولا يؤثر تثبيتها نسبةً إلى سعر اليورو سلبًا في إصدارات المنطقة، ولا سيّما الاقتصادات المصدّرة للمواد الخام التي تُحدد أسعارها في الأسواق الدولية.

3/ هل تفرض فرنسا استخدام فرنك الجماعة المالية الأفريقية؟

كلا. يجوز لكل بلد أن يخرج من منطقة الفرنك على نحو مؤقت مثل مالي أو بصورة نهائية مثل غينيا وموريتانيا ومدغشقر.
واتخذت الدول قرارًا سياديًا باستحداث منطقة الفرنك أو الانضمام إليها وعدم الخروج منها، مثل غينيا - بيساو التي تمثل البلد غير الفرنكوفوني الوحيد في المنطقة الفرنك.
وتقوم مشاركة البلدان الأعضاء على أساس اتفاقات ثنائية، وكذلك اتفاقات تعاون مع الاتحادات النقدية الإقليمية منذ عام 1962.

4/ ما هي مكانة فرنسا في هذه الآليات؟

تضطلع المصارف المركزية المشتركة والمستقلة الثلاث بمسؤولية ضمان السيادة النقدية واتخاذ القرارات، وتحظى البلدان الأعضاء فيها بتمثيلها الخاص، ونذكر مقراتها فيما يلي:

  • المصرف المركزي لدول غرب أفريقيا يتخذ من السنغال مقرًا له،
  • مصرف دول وسط أفريقيا يتخذ من الكاميرون مقرًا له،
  • المصرف المركزي لجزر القمر يتخذ من العاصمة الفدرالية لاتحاد جزر القمر مقرًا له.

وتتخذ القرارات بشأن السياسة النقدية على صعيد إقليمي.

ولا تحظى فرنسا إلا بتمثيل محدود في لجنة السياسة النقدية ومجلس إدارة مصرف دول وسط أفريقيا، إذ يقتصر تمثيلها على إداري فرنسي واحد من بين سبعة إداريين.

ولم يعد لفرنسا حضور في محافل إدارة المصرف المركزي لدول غرب أفريقيا بعد إصلاح التعاون النقدي في منطقة الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا الذي أُعلن عنه في عام 2019.

أما مجلس إدارة المصرف المركزي لجزر القمر، فيتكون من 8 أعضاء تعين الحكومة الفرنسية نصفهم.

ويوفر التعاون النقدي لفرنسا منبرًا للحوار مع مجمل دول المنطقة ويتيح ترويج إطار اقتصادي كلي مستقر من أجل انتهاج سياسات اقتصادية. وتحرص فرنسا بطبيعة الحال على تطوّر شركائها، ولا سيّما على الصعيد الاقتصادي.

5/ ما هي أسباب إصلاح التعاون النقدي في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا؟

كان يجري التعاون النقدي بين فرنسا والاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا في إطار اتفاق أُبرم في عام 1973.

وتبينت ضرورة تحديث هذا التعاون بناء على طلب الشركاء الأفارقة. وكان قد ذكر رئيس الجمهورية ضرورة إجراء هذا الإصلاح في لقائه مع مجلة "جون أفريك" في تشرين الثاني/نوفمبر 2020. وتندرج هذه الضرورة في امتداد الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية في جامعة واغادوغو في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 وذُكر بها خلال مؤتمر القمة الأفريقي الفرنسي الذي عقد في تشرين الأول/أكتوبر 2021.

وأثمرت المحادثات التي استهلت منذ عدة أعوام بين الأطراف المعنية عن توقيع اتفاق تعاون نقدي جديد في 21 كانون الأول/ديسمبر 2019 بين فرنسا والاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، أبرم على هامش زيارة رئاسية إلى كوت ديفوار. ويقوم الإصلاح على المحاور الأربعة التالية:

  1. تغيير اسم العملة، إذ أعربت سلطات الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا عن رغبتها في تغيير اسم العملة من "فرنك الجماعة المالية الأفريقية" إلى "إيكو". وتنحصر صلاحية اختيار اسم العملة في شركائنا في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا،
  2. إلغاء شرط تجميع احتياطات العملات المركزي في الحساب التشغيلي للخزانة الفرنسية،
  3. انسحاب فرنسا من محافل إدارة المنطقة،
  4. إنشاء آليات متزامنة مخصصة للحوار ورصد المخاطر، ولا سيّما الإبلاغ.

ولا يدخل مع ذلك أي تغيير على نظام صرف العملة، مع صون سعر الصرف الثابت بين اليورو وعملة الاتحاد، والحرص على ضمان قابلية تحويل العملات الذي تضطلع به فرنسا.

وتكمّل الاتفاق الذي أُبرم في 21 كانون الأول/ديسمبر 2019 اتفاقية ضمان يطبّق نصها الاتفاق الذي وقّع مع المصرف المركزي لدول غرب أفريقيا.

ويندرج تغيير اسم العملة وشروطه وجدوله الزمني في نطاق الصلاحيات الحصرية للاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا.

6/ ما هو سبب طباعة فرنك الجماعة المالية الأفريقية في فرنسا؟

تصدر المصارف المركزية الأفريقية طلب طباعة العملات الورقية والمعدنية في إطار عقد يُبرم مع وكيل منفّذ، يتمثل في مصرف فرنسا في هذه الحالة.

ويطبع بذلك مصرف فرنسا عملة فرنك الجماعة المالية الأفريقية منذ استحداثها في عام 1945 وعملات قرابة عشرين بلدًا في بلدة شاماليير الفرنسية.

ويمكن لرؤساء الدول في منطقة فرنك الجماعة المالية الأفريقية اتخاذ قرار مشترك بتغيير مكان صناعة العملات الورقية والمعدنية.

وتصنع عدة عملات ورقية ومعدنية أفريقية في بلدان أخرى، إذ لا تتوفر المطابع المخصصة لهذا الغرض في جميع البلدان الأفريقية، ونذكر ما يلي على سبيل المثال:

  • يُصنّع كل من الفرنك الغيني والبير الإثيوبي والشلن الأوغندي والبولا البوتسواني في إنجلترا،
  • يُصنّع كل من الأوقية الموريتانية والناكفا الإريتريّة والشلن التانزاني والكواشا الزامبي في ألمانيا،
  • يُصنّع الدولار الليبيري في الولايات المتحدة الأمريكية.

ولا تُصنّع البلدان الأعضاء في منطقة اليورو التسع عشرة عملة اليورو، إذ تضطلع 11 مطبعةً في الاتحاد الأوروبي بإنتاج جميع العملات الورقية.

تم تحديث هذه الصفحة في كانون الأول/ديسمبر 2021