بيان مشترك الدورة الثالثة من الحوار الاستراتيجي بين الجمهورية الفرنسية ودولة قطر (باريس 12 حزيران/يونيو 2025)

حصة

تشارك وزير أوروبا والشؤون الخارجية في الجمهورية الفرنسية السيد جان نويل بارو رئيس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية في دولة قطر سمو الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئاسة الدورة السنوية الثالثة من الحوار الاستراتيجي الفرنسي القطري التي نظمت في باريس في 12 حزيران/يونيو 2025.

وأثنت دولة قطر وفرنسا على عقد الدورة السنوية الثالثة من الحوار الاستراتيجي واستعرضتا التقدّم الذي أحرز منذ زيارة سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني إلى فرنسا في شباط/فبراير 2024 التي أثمرت عنها مبادرات تعاون جديدة في مجالات الأمن والدفاع والاقتصاد والتجارة والاستثمار والتعليم. وأكّد البلدان متانة علاقتهما الثنائية وحثا على تعزيز تطويرها من خلال توسيع نطاق الشراكة الاستراتيجية في القضايا الأساسية.

التعاون السياسي والدبلوماسي

أكّد الوزيران مجددًا التزام فرنسا وقطر في دعم النظام الدولي القائم على القواعد والقانون الدولي وتعزيز السلام والاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط والتعاون على نحو وثيق في الأزمات الإقليمية والعالمية.

إسرائيل - فلسطين :دعا الوزيران إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن جميع الرهائن والتوصل إلى حل سياسي طويل الأمد سيولّد الأمل في نفوس المتضررين من هذا النزاع في جميع الجهات وشق سبيل حل الدولتين. وأعرب وزير أوروبا والشؤون الخارجية عن امتنان فرنسا العميق لجميع جهود وساطة قطر ومنها المساعي إلى تأمين وقف إطلاق النار فوري في قطاع غزة.

ودعا الوزيران إلى إتاحة دخول المساعدات الإنسانية على نحو كامل وبلا عوائق إلى المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. وصرّح الوزيران فضلًا عن ذلك أنّه لا يمكن قبول تسييس المساعدات الإنسانية ولا التهديد بالتهجير القصري ولا خطط إسرائيل للبقاء في قطاع غزة بعد الحرب. وصرّح الوزيران أنّ القيود التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية على تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية للسكان الفلسطينيين في قطاع غزة مثيرة للشجب وتنتهك القانون الدولي الإنساني.
وشددا كذلك على أنّ إسرائيل ملزمة بموجب التزاماتها بضمان دخول كميات هائلة من المساعدات إلى قطاع غزة بلا عوائق ومنها العمل مع الأمم المتحدة لضمان أنّ تسليم المساعدات يمتثل للمبادئ الإنسانية.

وكرر الوزيران معارضتهما لأي تهجير قصري لسكان قطاع غزة الفلسطينيين الذي سيمثل انتهاكًا فادحًا للقانون الدولي وعامل زعزعة أساسي للمنطقة برمتها.

وتثني قطر على تأييد فرنسا خطة إعادة إعمار قطاع غزة التي صاغتها جامعة الدول العربية في شهر آذار/مارس بوصفها أساس جدي وموثوق لتلبية الاحتياجات فورًا في مجالات إعادة الإعمار والإدارة والأمن بعد نهاية الحرب في القطاع. وتضمن احترام القانون الدولي وتحفظ مستقبل قطاع غزة ضمن دولة فلسطينية ستقوم في المستقبل.

وأثنى معالي رئيس الوزراء آل ثاني على تشارك فرنسا والمملكة العربية السعودية في رئاسة الاجتماع الدولي الذي سيعقد في 18 حزيران/يونيو من أجل تنفيذ حل الدولتين. وأعرب الوزيران أنّ هذه الجهود تمثل السبيل الوحيد لإحلال سلام وأمن دائمين للإسرائيليين والفلسطينيين بالتزامن مع ضمان استقرار المنطقة على نطاق أوسع.

وشددا على أنّ المؤتمر الدولي رفيع المستوى بشأن حل القضية الفلسطينية على نحو سلمي وتنفيذ حل الدولتين الذي سيسهم في تنفيذ هذا الهدف قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم A/RES/79/81 من خلال وضع خارطة طريق موثوقة لتنفيذ هذا الحل الذي يتيح عيش بلدين جنبًا إلى جنب بسلام ضمن حدودهما المعترف بها دوليًا. وشدد الوزيران على أنّ الدولة الفلسطينية التي ستقام في المستقبل ستضطلع وحدها بمسؤولية سيادة القانون ومنه عمل الشرطة.

سورية: سلّم الوزيران بأنّ المرحلة الانتقالية الجارية في سورية تعد تاريخية. وشددا على أهمية نظام سياسي شامل يحمي حقوق الجميع بصرف النظر عن العرق أو الطائفة أو الدين أو الجنس. وكررا دعمهما لإعادة إعمار سورية جديدة حرة ومستقرة وتتمتع بالسيادة وتحترم جميع مكونات المجتمع. واتفقا على الأهمية البالغة التي يكتسيها الاستقرار والأمن في سورية لجميع المواطنين والمنطقة المجاورة. والتزم الوزيران في هذا الصدد بالعمل معًا حيثما أتيح ذلك لتوفير المساعدة الإنسانية ودعم التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار طويلة الأمد. وأثنيا على رفع الجزاءات الرسمية عن اقتصاد سورية وحثا على الاستثمار الأجنبي في البلد. وأثنت قطر على دعم فرنسا قرار الاتحاد الأوروبي الحديث برفع الجزاءات الاقتصادية عن سورية والاجتماع الحديث بين الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس سورية الانتقالي أحمد الشرع. وتتيح المبادرات من هذا النوع لسورية والشعب السوري الشروع في مرحلة انتقالية لإرساء الاستقرار وإحلال السلام وتحقيق الازدهار. وأدان الوزيران انتهاك سلامة الأراضي السورية وحذرا من خطط تصعيد سعيًا إلى زعزعة المنطقة.

لبنان : أثنت قطر على استضافة فرنسا المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني وسيادته في تشرين الأول/أكتوبر 2024. وأشاد البلدان بالتقدم المحرز في الإصلاحات السياسية والاقتصادية في لبنان.
وتدعم فرنسا وقطر سلامة الأراضي اللبنانية وحق الشعب اللبناني بالسيادة ودعا الوزيران جميع الأطراف إلى الامتثال بالالتزامات التي قطعتها في اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم في تشرين الثاني/نوفمبر 2024. ودعا في هذا الصدد إلى انسحاب القوى الإسرائيلية من كامل الأراضي اللبنانية ونشر القوات المسلّحة اللبنانية الكامل ودعمها المتواصل لضمان الأمن واحتكار الدولة للسلاح بمساعدة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان وتحت إشراف آلية اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 التي تشارك فيها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
وشددا على دعمهما لعملية التغيير الجاري بقيادة الحكومة اللبنانية الجديدة سعيًا إلى إعادة لبنان إلى سبيل إعادة الإعمار والتعافي والاستقرار. وأعربا عن دعمهما المتواصل للقوات المسلّحة اللبنانية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان التي يتصف عملها بالجوهري لضمان استقرار جنوب لبنان.

إيران : أكّد الوزيران مجددًا دعم فرنسا وقطر لحل دبلوماسي يفضي إلى اتفاق يتناول الشواغل الدولية المتعلقة بأنشطة إيران النووية وحلها مقابل التخفيف من وطأة الجزاءات، بغية صون هندسة عدم انتشار الأسلحة النووية الشاملة والاستقرار والتهدئة في منطقة الخليج. وكررا دعمهما المحادثات الجارية بين جمهورية إيران الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية. ودعا إيران كذلك إلى التعاون على نحو شامل وفعال مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية المشروعة وعملها.

رواندا وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية : شدد الوزيران على التزامهما المشترك بإحلال السلام وإرساء الاستقرار واستتباب الأمن في منطقة البحيرات الكبرى. وأثنت فرنسا على جهود وساطة قطر بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسلطات الكونغولية وحركة 23 مارس. وشددا على ضرورة استمرار الأطراف العمل في سبيل إبرام اتفاق وقف إطلاق النار الذي دعا إليه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في القرار 2773 الصادر في عام 2025. وذكّرت فرنسا دعمها المستمر لجهود قطر بغية تحقيق السلام بعد مشاركة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا وتوغو في اجتماع الدوحة الذي عقد في 30 نيسان/أبريل.

السودان :اتفق الوزيران على الاستمرار في العمل معًا لتناول النزاع المدمّر في السودان. وذكّرت فرنسا وقطر القرار 2736 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عام 2024 الذي يطالب قوات التدخّل السريع بإنهاء حصار مدينة الفاشر ويدعو إلى التهدئة فورًا. وشددا على دعمهما لوحدة البلد ودعا الأطراف المتحاربة إلى وقف الأعمال العدائية فورًا واحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين وضمان دخول المساعدات الإنسانية على نحو كامل وآمن وبلا عوائق.

مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمحيط :أثنى الوزيران على تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمحيط في مدينة نيس في فرنسا من 9 إلى 13 حزيران/يونيو 2025 لدعم اقتصاد الكربون الأزرق ومكافحة الصيد غير القانوني وغير ذلك. وأشادا بالاتفاق المُبرم في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية واستخدامه على نحو مستدام بوصفها علامة فارقة في الحماية الجماعية لأعالي البحار.

الاقتصاد والتجارة والاستثمارات

شددت قطر وفرنسا على أهمية شراكتهما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية المتنامية إذ زادت قيمة التجارة بين البلدين عن 1،3 مليار يورو في عام 2024. وشدد الوزيران على أنّ التجارة الثنائية تسهم إسهامًا ملحوظًا في دعم الوظائف والابتكار والتنمية الاقتصادية في البلدين.
واستعرض الوزيران التقدّم الذي أحرز في الالتزام التاريخي الذي قطعته في عام 2024 باستثمار 10 مليارات يورو في قطاعات أساسية في الاقتصاد الفرنسي. وسيشمل الاستثمار القطري قطاعات ذات المنفعة المتبادلة من الأمن الغذائي إلى الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات وشبه الموصلات والانتقال في مجال الطاقة والفضاء والملكية الفكرية والصحة والسياحة والضيافة والثقافة. وأثنيا على منتدى بزنس فرانس الفرنسي القطري المقبل بوصفه فرصة لنمو التجارة المتبادلة والاستثمار المتبادل. وتباحثا سبل تعزيز شراكتهما الاستثمارية وشددا على رغبتهما في تسهيل التعاون بين القطاع العام الفرنسي والقطري. وبحثا مجالات الاهتمام المشترك على غرار السياسة المالية والتمويل المستدام والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
ويبرز استثمار قطر المبتكر في صناعة شبه الموصلات الفرنسية الدور القطري الأساسي في القطاعات الفرعية للتكنولوجيا، التي تشمل تطورات سلسلة التوريد التي تدفع أيضًا التحولات الرقمية والخضراء عبر الصناعات الحيوية على غرار الذكاء الاصطناعي والتنقل والتكنولوجيا الاستهلاكية.
تناقش الطرفان سبل تعزيز شراكتهما التجربة الاستثمارية من خلال خارطة طريق تركّز على المجالات الاستراتيجية بما يتماشى مع أهداف التنوّع الاقتصادي التي نصبتها قطر في رؤيتها الوطنية لعام 2030 وبما يتوافق مع خطة فرنسا الاقتصادية لعام 2030.
وأثنى الوزير الفرنسي على التزام قطر المستمر في ضمان امدادات الطاقة على نحو متواصل وموثوق لأوروبا وفرنسا وهو ما يسهم في استباب الأمن في مجال الطاقة في البلد.

الدفاع والأمن ومكافحة الإرهاب

أكّدت فرنسا وقطر مجددًا أهمية الدفاع والأمن، بوصفهما حجر الزاوية الذي تقوم عليه شراكتهما، وهو ما تجلّى في ارتفاع عدد الزيارات الرسمية في الأشهر الاثني عشر المنصرمة، وتعزيز التنسيق على المستوى العملياتي.
وأشاد الوزيران بتنفيذ الشراكة العملياتية الدفاعية المشتركة التي تتضمن مخططات وأنشطة تدريبية وتمارين عسكرية مشتركة بين البلدَين، وأحدثها تمارين "بيغاس" و"السلام" و"الكوت"، فضلًا عن المشاريع المشتركة في مجال الصناعات والابتكارات الدفاعية، والعمليات الجارية في المرحلة الراهنة لاستحواذ المعدات الدفاعية، التي تشمل التعاون بين القوات الجوية الوطنية لكلا البلدَين، الذي تيسّره الحيازة المشتركة لمقاتلات رافال.
ونوّه الوزيران بالتقارب الاستراتيجي بين فرنسا وقطر، الذي يسهم في توطيد التبادل الثنائي الجانب بين المؤسستين العسكريتين الفرنسية والقطرية. وتبدي فرنسا وقطر حرصهما على البحث في سُبلٍ جديدةٍ لتعزيز التآزر بين قواتهما المسلّحة بغية النهوض بقدراتهما الدفاعية المستقبلية.
وبحث الوزيران أيضًا سبل توطيد الروابط القائمة بينهما وتوسيع نطاق أنشطتهما المتعلقة بالمصالح الاستراتيجية المشتركة، ولا سيّما وأنهما يعملان على تهدئة وإرساء الأمن في منطقة الخليج والبحر الأحمر.
وأشاد الوزيران بالشراكة المتينة والطويلة الأجل بين قوى الأمن في كلا البلدَين، التي تشمل التعاون وتبادل المعارف المهمة بشأن الفعاليات الرياضية الكبرى، وإدارة الأزمات وإدارة الفعاليات الكُبرى، والأمن الجوي وأمن الطيران، والأمن السيبراني والتحقيقات الرقمية، فضلًا عن الاحترافية وبناء القدرات المتبادلة.
وأثنيا على أواصر الصداقة والثقة القائمة بين قوة الدرك الفرنسية وقوة لخوية القطرية، محتفلتين في عام 2025 بمرور عشرين عامًا على بدء تعاونهما. ونوّها أيضًا بإقامة شراكة استراتيجية بين قوات الشرطة الوطنية الفرنسية والقطرية وإنشاء الهيئة العليا للشرطة. وأكّدا أيضًا أهمية تعزيز هذا التعاون.
وشدّد الوزيران على أن مكافحة الإرهاب ما تزال تمثّل مقوّمًا أساسيًا من مقومات التعاون بين البلدَين. وأعربا عن أهمية هذا التعاون في منع الإرهاب ومكافحته وضمان سلامة المواطنين في كلا البلدَين. وتظهر هذه الجهود الحاجة إلى اتباع نهج منسّق للتصدّي للتهديدات الإرهابية التي ما فتئت تزداد وتتخطى الحدود الوطنية. واتفقا أيضًا على مواصلة شراكتهما المتينة في مجال الأمن السيبراني ومحاربة الإرهاب، ومكافحة التطرف العنيف والتدفقات المالية غير المشروعة.

التعاون الإنساني والتنموي

شدد الوزيران، في ما يخصّ التعاون الإنساني والتنموي الدولي، على النجاح المستمر للتعاون والتنسيق الثنائيين القائمين على برامج واضحة بين الوكالات التنفيذية في كلا البلدَين على غرار صندوق قطر للتنمية، ومؤسسة "التعليم فوق الجميع"، ومؤسسة "صلتك"، والوكالة الفرنسية للتنمية.
وأشاد الوزيران بتجديد تعاونهما الثنائي في مجال التنمية، بناءً على توقيع اتفاقَين مهمّين بين الوكالة الفرنسية للتنمية من جهة وصندوق قطر للتنمية، ومؤسسة "التعليم فوق الجميع"، ومؤسسة "صلتك" من جهة أخرى، في شهر شباط/فبراير 2024. وأعربا عن تقديرهما لباكورة التعاون بين الوكالة الفرنسية للتنمية وصندوق قطر للتنمية الذي يتضمن مشروعًا طموح الأهداف لتأهيل مستشفى مار يوسف وتوسيعه في القدس الشرقية. وأثنى الوزيران على تجديد التزام صندوق قطر للتنمية ومجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية (الوكالة الفرنسية للتنمية ووكالتها الفرعية بروباركو والوكالة الفرنسية للخبرة الفنية الدولية) بتمويل مشاريع إنمائية مشتركة، واتفقا على زيادة قيمة التمويل المشترك من 50 مليون دولار أمريكي إلى 100 مليون دولار أمريكي طيلة مدة مذكرة التفاهم. وعلى الأجل القصير، يلتزم كلٌّ من صندوق قطر للتنمية ومجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية بتفعيل الشراكة في البلدان التي تعاني من احتياجات ملحّة وهي لبنان وفلسطين وسورية، وبدأت بالفعل المناقشات بشأن الأولويات المشتركة. ونوّه الوزيران بأن صندوق قطر للتنمية ومجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية سيعملان معًا على الأجل المتوسط على تنفيذ أنشطة مشتركة في مجال الدعوة والمؤازرة على الصعيد العالمي وعلى توسيع نطاق تعاونهما ليشمل التمويل المبتكر.
وأثنى الوزيران على المناقشات الجارية بين مركز الأزمات والمساندة التابع لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية وصندوق قطر للتنمية من أجل البحث في مواضيع جديدة محتملة للحوار والتمويل المشترك، ومنها في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، وكذلك في مجال المستلزمات الإنسانية.
وبناءً على الالتزام المشترك الذي قطعه رئيس الجمهورية الفرنسية وأمير دولة قطر بشأن تخصيص 200 مليون دولار أمريكي في عام 2024 لأعمال الإغاثة الإنسانية في غزة، أعرب الوزيران عن ضرورة تلبية الحاجة الملّحة للمساعدات في القطاع بلا تأخير. وأشاد الوزيران أيضًا بالأثر الإنساني لجهود الإغاثة الصحية المشتركة التي بُذلت في غزة والتي شملت عمليات الإجلاء الطبي، وإيصال المساعدات الإنسانية والأدوية وسيارات الإسعاف وتوزيعها. وبالإضافة إلى ذلك، سلّطا الضوء على جهود الإغاثة المشتركة في لبنان التي أسهمت في دعم السكان المتضررين من النزاع. وإذ يستذكر الوزيران هذه العمليات الإنسانية المشتركة التي تكللت بالنجاح في الآونة الأخيرة، يعربان عن دعمهما عملية طارئة مشتركة جديدة لتزويد أفغانستان بالمستلزمات الطبية والأدوية.
ويجسّد هذا التعاون الشراكة الاستراتيجية الطويلة الأجل والالتزام القطري والفرنسي بدعم السكان المتضررين من النزاعات.

التعليم والصحة والرياضة

أشاد الوزيران بالتعاون الوثيق في مجالات التعليم والصحة والرياضة. وتناول الوزيران الشراكة المتنامية في مجال التعليم، ولا سيّما تبادل المعارف وتوقيع الاتفاقات بشأن البحوث بين مؤسسات التعليم العالي القطرية والفرنسية التي تشمل معهد الدراسات السياسية في باريس ومعهد الدوحة للدراسات العليا.
وتَعزز التعاون في مجال البحوث والابتكار بفضل التعاون الوثيق بين مجلس قطر للبحوث والتطوير والابتكار ومؤسسات التعليم العالي الفرنسية التي تشمل المركز الوطني للبحوث العلمية (CNRS) ومفوضية الطاقة الذرية والطاقات البديلة (CEA) والمعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية (INSERM) والكلية العليا للتجارة في باريس (HEC). وحصلت المنشآت الفرنسية على الجوائز في إطار برنامج قطر للابتكار المفتوح، وهي تعمل بالتعاون مع منشآت صغيرة ومتوسطة الحجم ومؤسسات قائمة في قطر من أجل إحراز التقدّم في مجال العلوم الزراعية والرعاية الصحية الطبية.
وتتطلع قطر وفرنسا إلى توقيع النسخة الثامنة من البرنامج التنفيذي الذي يوطّد التعاون الثنائي بين البلدَين، ولا سيّما في مجال تعليم اللغة الفرنسية، والتعليم التقني والمهني، والتعليم العالي، وتنقّل الطلاب والمدرّسين. ويرمي هذا الاتفاق إلى إنشاء لجنة توجيهية تُعنى بتدريس اللغة الفرنسية ابتداءً من الصف التاسع في مؤسسات التعليم الوطنية القطرية، فضلًا عن لجنة توجيهية أخرى تُعنى بتنمية التعاون الجامعي. وأعرب الجانبان عن رغبتهما المشتركة في توطيد التعاون بينهما في مجال التعليم العالي والبحوث، والتشجيع على تبادل الطلاب والباحثين، بالإضافة إلى البحث في تنظيم برامج ودورات تدريبية مشتركة تتيح للطلاب تحقيق أهدافهم الشخصية والمهنية.
وأبدت قطر وفرنسا رغبتهما في تعزيز تبادل الخبرات بين الطواقم الطبية في كلا البلدَين، من خلال التقارب أو التبادل بين الباحثين من البلدَين. وأعرب وزير أوروبا والشؤون الخارجية عن امتنانه للمساعدة التي قدّمتها قطر لأعمال افتتاح أكاديمية منظمة الصحة العالمية في مدينة ليون الفرنسية. وهنّأ رئيس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الجمهورية الفرنسية على نجاح فرنسا الباهر في استضافة الألعاب الأولمبية الصيفية والألعاب الأولمبية الصيفية لذوي الاحتياجات الخاصة في عام 2024. وأعرب الطرفان عن استعدادهما لتبادل الخبرات والمعارف ولمواصلة التعاون بشأن الأثر الإيجابي والإرث اللذين تخلّدهما استضافة الفعاليات الرياضية الكُبرى. وتناولا على وجه الخصوص السُبل التي تتيح بواسطتها الرياضة قطع التزامات راسخة في مجال القضايا الاجتماعية والبيئية، التي تشمل خفض الانبعاثات وامتصاص الكربون، وفرص تعزيز الاندماج والتنوّع، ومكافحة خطاب الكراهية والعنصرية وأوجه التحيّز والتمييز الأخرى.

التعاون الثقافي والفني والتراثي

أشاد الوزيران بالعلاقات المؤسسية والإنسانية الوثيقة التي نشأت بفضل الروابط الثقافية والفنية والتراثية. واستذكرا زيارة وزيرة الثقافة في الجمهورية الفرنسية، السيدة رشيدة داتي في شهر نيسان/أبريل الماضي، تلبيةً لدعوة السلطات القطرية ورئيسة مجلس أمناء هيئة المتاحف القطرية، سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني.
واندرجت هذه الزيارة في إطار الالتزامات الإطارية المنبثقة عن مذكرة التفاهم الموقّعة في شهر حزيران/يونيو من عام 2024 بين وزيرة الثقافة، السيدة رشيدة داتي ورئيسة مجلس أمناء هيئة المتاحف القطرية، سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني. ونوّه الوزيران بتوقيع ستة اتفاقات شراكة في شهر نيسان/أبريل من عام 2025 بين وزارة الثقافة الفرنسية وهيئة المتاحف القطرية والمؤسسات الثقافية في كلا البلدَين، وتناولت هذه الاتفاقات مجموعة واسعة من مجالات التعاون، ولا سيّما التدريب، والمعارض، والقروض، والبحوث، وإقامات الفنانين، وتنظيم حلقات عمل للتعليم في مجال الصورة موجّهة لجيل الشباب، وتنمية الإنتاج المشترك، ودعم إنشاء مكتبة للأفلام السينمائية. وتعمل المؤسسات الثقافية الفرنسية والقطرية حاليًا على تنفيذ هذه الاتفاقات.
وتشمل هذه الاتفاقات اتفاقًا إطاريًا بين وزارة الثقافة الفرنسية وهيئة المتاحف القطرية بشأن توفير التدريب المهني في قطاع الثقافة، واتفاقًا بين هيئة المتاحف القطرية والمؤسسة الحكومية لمتحف أورسيه ومتحف أورانجيري - متحف الرئيس فاليري جيسكار ديستان، ينطوي على مشاريع بحثية وتنظيم معارض مشتركة ومشاريع أكاديمية وتعليمية. وسيباشر كلٌّ من هيئة المتاحف القطرية ومتحف غيميه تعاونهما في مجال البحوث ومشاريع حفظ الأعمال الفنية والمشاريع التعليمية المخصصة للفنون الآسيوية. وأبرمت هيئة المتاحف القطرية أيضًا اتفاق شراكة مع مؤسسة “المعامل الوطنية والمعامل الوطنية في مدينة سيفر والأثاث الوطنية” (Manufactures nationales - Sèvres and Mobilier national) المتخصصة في قطاعَي التصميم والمصنوعات اليدوية، ويرمي هذا الاتفاق إلى تعزيز الروابط بين المصممين والعاملين في مجال الصناعات اليدوية في فرنسا وقطر. وتشمل الاتفاقات الإطارية الأخرى المبرمة بين قطر وفرنسا مذكرة تفاهم بين مؤسسة الدوحة للأفلام والمركز الوطني الفرنسي للسينما والصورة المتحركة، فضلًا عن مذكرة تفاهم بين مكتبة قطر الوطنية والمكتبة الوطنية في فرنسا.
وأثنى الوزيران أيضًا على التعاون المتنامي بين وزارتَي الثقافة في فرنسا وقطر، ولا سيّما من خلال تجديد اتفاق التعاون المبرم بين الوزارتَين قريبًا.
وأعرب الوزيران مجددًا عن التزام دولتَيهما بحماية التراث، وخاصة في مناطق النزاع، واحترام جميع الاتفاقات الدولية في هذا المجال التي وضعتها منظمة اليونسكو.

مستقبل مشترك يتحلى بالوعي المتبادل

تشدد دولة قطر وفرنسا على أهمية شراكتهما المستمرة التي تصبّ في مصلحة البلدَين وتعزز التنسيق بينهما من أجل مستقبل مشترك يتحلى بالوعي المتبادل.
وتتطلع قطر وفرنسا إلى استعراض التقدّم المحرز في هذه المجالات إبّان الاجتماع الرابع للحوار الاستراتيجي المزمع عقده في الدوحة في عام 2026.