التزامات فرنسا في حقبة ما بعد تنظيم داعش

حصة

أعلنت السلطات العراقية في كانون الأول/ديسمبر 2017 تحرير كامل أراضيها التي كانت خاضعة في السابق لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي.
فالبلاد تعيش اليوم مرحلة حاسمة، إنها مرحلة المصالحة الوطنية وإرساء الاستقرار وإعادة إعمار المناطق المحررة، وتُعدّ هذه التدابير بمثابة السبيل الوحيد لتحقيق الانتصار الدائم على الإرهاب وعودة النازحين إلى ديارهم.

المساعدة الإنسانية ومساعدات إرساء الاستقرار

تواصل فرنسا جهودها بمعية شركائها وتقف إلى جانب الشعب العراقي والحكومة العراقية من أجل مساعدة السكان الأكثر عرضة للخطر وإنعاش الاقتصاد وإعادة إعمار البلد. فعلى سبيل المثال، استفاد زهاء مائتي ألف نازح من النازحين إبان معركة الموصل من برنامج الاستجابة المتعددة القطاعات في حالات الطوارئ، ويشمل البرنامج تقديم المساعدة الغذائية وخدمات الرعاية الصحية الأولية والسلع الإغاثية الأساسية.

ومنذ عام 2017، خصصت فرنسا مبلغاً بقيمة 60 مليون يورو للمساعدة الإنسانية وأنشطة إرساء الاستقرار في العراق، كما خصصت 20 مليون يورو منها لإرساء الاستقرار في مدينة الموصل تحديداً.

وأكّد وزير أوروبا والشؤون الخارجية السيد جان إيف لودريان ووزيرة القوات المسلّحة السيدة فلورانس بارلي، في خلال زيارتهما المشتركة إلى العراق في 26 آب/أغسطس 2017، منح قرض لميزانية الحكومة العراقية بقيمة 430 مليون يورو.

وتقدم فرنسا المساعدات الإنسانية ومساعدات إرساء الاستقرار عبر وكالات الأمم المتحدة (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي). كما ساهمت بمبلغ قيمته 7 ملايين يورو في أدوات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق.

مشاريع متعددة

الأمن

لا بد من إرساء الأمن لتمكين النازحين من العودة الطوعية إلى الأراضي المحررة من قبضة تنظيم داعش.

ولهذا الغرض، تقدم فرنسا في إطار مشاركتها في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش دعماً عسكرياً للقوات المحلية التي تعمل على ضمان الأمن في الأراضي العراقية المحررة مؤخراً من أجل تفادي ظهور تنظيم داعش الإرهابي مجدداً.

وتدعم فرنسا أيضاً تدريب قوى الأمن الداخلي في العراق فيما يتعلق بإدارة الحشود ديمقراطياً ونزع الألغام، بما في ذلك الألغام الكيميائية والمغمورة بالمياه، وإدارة مواقع وقوع الاعتداءات.

الصحة

تولي المشاريع التي تدعمها فرنسا أهمية خاصة لصحة السكان العراقيين. ونفّذت فرنسا، فضلًا عن تقديم المساعدات الإنسانية في حالات الطوارئ، برامج دعم للبنى التحتية الصحية كالمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية في المخيمات والعيادات الطبية المتنقلة، وبرامج الدعم النفسي للسكان الذين يعانون غالباً من الصدمات.

والتزمت فرنسا التزاماً حازماً بترميم كلية الطب في جامعة الموصل التي تصبو إلى تدريب جميع العاملين في المجال الطبي في سهل نينوى والمناطق المجاورة، إذ كانت الكلية قد تكبدت خسائر فادحة بسبب المعارك. وبفضل الجهود التي بذلتها فرنسا والدعم الذي قدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، رُممت الكلية بالكامل وهي تستقبل العديد من الطلاب منذ مطلع العام الجامعي 2018.

التعليم ودعم النازحين

يمثّل التعليم محورًا من محاور المساعدة الفرنسية ذات الأولوية. فبالإضافة إلى الدعم المقدم إلى جامعة الموصل، التزمت فرنسا بدعم برامج ترميم المدارس في المناطق التي يصعب الوصول إليها.

وبالنسبة للأطفال الذين لم يستفيدوا من التعليم في فترة احتلال تنظيم داعش، مُولت أيضاً مشاريع لدعم التعليم غير النظامي على نحو يتيح لهم الاندماج مجددًا في نظام التعليم العام العراقي.

وأتاحت منظمات غير حكومية دورات تدريبية في مجال حماية الأطفال ونظمت حملات للتوعية بحقوق الأطفال.

التماسك الوطني

تُعدّ وحدة العراق ضمن إطار مراعاة جميع مكوناته ضرورةً من أجل تعزيز عملية إرساء الاستقرار الدائم والشامل. ويكمن الرهان في تحقيق المصالحة، فضلاً عن البعد المادي لإعادة الإعمار.

وفي هذا الإطار، تولي فرنسا اهتماماً خاصاً لضحايا العنف المستند إلى العرق والدين في الشرق الأوسط. وبفضل صندوق مخصص، تُموَّل المشاريع التي تنفّذها المنظمات غير الحكومية والتي تهدف إلى تلبية احتياجات هذه المجموعات وتشجيع عودتها إلى المدن والقرى التي تتحدر منها.

وبمناسبة عقد مؤتمر باريس للسلام في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، رعى رئيس الجمهورية عملية إطلاق السيدة نادية مراد الحاصلة على جائزة نوبل للسلام لعام 2018 صندوقاً لإعادة إعمار قضاء سنجار في العراق الذي تأثر إلى حد كبير بالاعتداءات التي نفّذها تنظيم داعش. وستحشد فرنسا مبلغاً بقيمة مليونَي يورو لتمويل هذا الصندوق الذي سيمكّن بالأخص من إنشاء البنى التحتية والمدارس والمستشفيات والهياكل المدرة للدخل ومن تشجيع عودة السكان الإيزيديين النازحين إلى أراضيهم.

التراث

نشأت بين فرنسا والعراق منذ زمن بعيد روابط متينة في مجال صون التراث وعلم الآثار.
وحُددت في السنوات الأخيرة ثلاث أولويات بالتنسيق مع السلطات المحلية وهي مكافحة الاتجار وحماية التحف الفنية وحفظ ذاكرة المواقع الأثرية. ونُظمت عدّة أنشطة تدريبية مخصصة للمهنيين العراقيين العاملين في مجال صون التراث وترمي إلى النهوض بتقنيات مكافحة الاتجار بالممتلكات والقطع الثقافية، وذلك بالشراكة مع المعهد الوطني للتراث وقسم علم الآثار في الشرق وبلاد الرافدين التابع لمتحف اللوفر.

ومن جهة أخرى، أقام المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في العراق الذي يمتلك فرعًا في أربيل تعاونًا مع بعض الجامعات في مجالي علم الآثار والتراث.

وقام معهد البحوث الفرنسي في الخارج في عام 2018 برقمنة المواقع الأثرية العراقية وصونها في إطار أنشطة صندوق التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع.

العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب

تلتزم فرنسا التزامًا تامًا بمكافحة إفلات مرتكبي الجرائم في العراق من العقاب واغتنمت جميع الفرص من أجل المضي قدمًا بهذا الملف، لا سيّما في مجلس الأمن وهيئات الأمم المتحدة الأخرى. وهي تموّل مشاريع توثيق الفظائع المقترفة بغية المساعدة في التحقيقات. وتُنظّم أيضًا أنشطة تدريبية من أجل تعزيز كفاءات دوائر الشرطة والسلطات القضائية في العراق مما يساعد على نحو فاعل في ملاحقة مرتكبي الجرائم.

آخر تحديث في: 2019/01/22