التضامن الأوروبي في مواجهة فيروس كورونا
لا بدّ من الاتحاد لمواجهة وباء فيروس كورونا فالاتحاد قوة. ولا سبيل إلى التغلّب على هذه الأزمة بدون انتعاش أوروبي يطبعه التضامن والقوة. وقد اتخذ الاتحاد الأوروبي بالفعل عدّة تدابير لمواجهة الأزمة وتتواصل هذه الجهود على الصعيد الأوروبي وبين البلدان أنفسها.
تم تحديث هذه الصفحة في كانون الثاني/ يناير 2021
تصدّ أوروبي مشترك
اضطلعت فرنسا بدور رائد في حثّ الاتحاد الأوروبي على تدارك فداحة الأزمة إذ دعت إلى عقد اجتماع استثنائي للمجلس الأوروبي في 10 آذار/مارس 2020 ودعت إلى تنسيق التدابير المتخذة على الحدود من أجل تجنّب سياسة "نفسي أولاً".
في 18 أيار/مايو 2020، اقترحت فرنسا وألمانيا مبادرةً مشتركة من أجل الانتعاش الأوروبي في مواجهة الأزمة حتى يتسنّى لأوروبا التغلّب على الأزمة الراهنة والخروج منها أقوى مما سبق. ويرمي أحد التدابير التسعة عشر التي تضمنتها المبادرة بوجه خاص إلى إنشاء صندوق إنعاش أوروبي من أجل التضامن والنمو.
وفي 27 أيار/مايو 2020، اعتمدت المفوضية الأوروبية هذه الفكرة وأطلقت عليها اسم "الجيل القادم للاتحاد الأوروبي".
وفي 17 كانون الأول/ديسمبر 2020، اعتُمد الإطار المالي المتعدد السنوات لفترة 2021-2027، مما يتيح اعتماد خطة إنعاش غير مسبوقة بمبلغ إجمالي قدره 750 مليار يورو بما في ذلك 390 مليار يورو في شكل إعانات. وبمقتضى هذا الاتفاق، طُبق مبدأ المديونية المشتركة نيابةً عن جميع الدول الأعضاء لأول مرة، ليكون بذلك نقطة تحوّل غير مسبوقة للصرح الأوروبي ودليلاً واضحًا على التضامن الأوروبي.
وستحصل فرنسا عمليًا على زهاء 40 مليار يورو تُسهم في تمويل الخطة الوطنيّة للإنعاش. وسيكون الانتعاش أقوى وأسرع في أوروبا بفضل هذا التنسيق بين الدول الأعضاء.
=> للاستزادة بشأن خطة الإنعاش الأوروبية باللغة الفرنسية
التخفيف من حدّة التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن الوباء
اتخذ رؤساء الدول والحكومات عدداً من التدابير لتنسيق الجهود الأوروبية في مجال الصحة العامّة وحماية المواطنين الأوروبيين والتخفيف من حدّة التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الوباء ومنها:
1- حيازة معدات طبية مشتركة، كتجهيزات الوقاية وأجهزة التنفّس والمستلزمات المخبريّة وذلك بإنشاء أول احتياطي مشترك للمعدات الطبية وإبرام صفقات عمومية مشتركة لشراء تجهيزات الوقاية الفردية. ويستدعي ذلك أيضًا تنسيق الجهود من أجل زيادة القدرات الإنتاجية. وبموازاة ذلك، أصبح من الضروري الاستحصال على إذن من أجل تصدير تجهيزات الوقاية الفردية إلى خارج أوروبا.
2- مضافرة الجهود لتمكين المواطنين الأوروبيين المسافرين العالقين خارج الاتحاد الأوروبي من العودة إلى ديارهم.
3- تيسير حركة السلع والبضائع داخل الاتحاد الأوروبي، بفضل ممرات إمداد ذات أولوية على الحدود الداخلية من أجل تزويد المستشفيات والمتاجر والمصانع خصوصاً، بل وتيسير تنقّل الأشخاص متى دعت الحاجة إلى ذلك، لا سيّما عمّال المناطق الحدودية أو المواطنين الأوروبيين العائدين إلى ديارهم.
4- التصدّي للأزمة من خلال إعادة تخصيص 37 مليار يورو من ميزانية الاتحاد الأوروبي بموجب سياسة التماسك.
5- دعم المنشآت من خلال تبسيط القواعد لتيسير الحصول على المساعدات الحكومية.
6- تعليق قواعد "ميثاق الاستقرار" كي يتسنّى للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عدم التقيّد بقواعد الميزانية في مواجهة الجائحة.
وتضطلع المفوضية الأوروبية بحُسن تنفيذ هذه التدابير. وتُناقَش حالياً مسألة اتخاذ تدابير تكميليّة أخرى على الصعيد الأوروبي من أجل التصدّي لهذه الأزمة غير المسبوقة.
- اعتماد خطة إنعاش بقيمة 750 مليار يورو، يُخصص منها زهاء 40 مليار يورو لفرنسا، بغية دعم اقتصادات الدول الأعضاء
- تقديم 40 مليار يورو من المصرف الأوروبي للاستثمار لدعم المنشآت الوسيطة الحجم والمنشآت الصغيرة والمتوسطة الحجم
- تخصيص 47،5 مليار يورو من ميزانية الاتحاد الأوروبي على هيئة صناديق هيكلية للدول الأعضاء والمناطق الأكثر تضررًا، وبما في ذلك 2،9 مليار يورو لفرنسا
- تقديم أكثر من 660 مليون يورو لدعم الأبحاث في مجال العلاجات واللقاحات
- تخصيص أكثر من 1،9 مليار يورو من أجل "الآلية الأوروبية للحماية المدنية" (التمويل المشترك لرحلات عودة المواطنين الأوروبيين إلى ديارهم وشراء المعدات) بموجب خطة الإنعاش
- تقديم أكثر من 3,6 ملايين يورو لصالح المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها
- تقديم 372،5 مليار يورو في إطار رزمة التدابير الرامية إلى دعم الإصلاحات والاستثمارات التي بدأتها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي
وعلاوةً على ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى "برنامج شراء السندات الطارئ لمواجهة آثار الجائحة" وهو برنامج استثنائي اعتمده البنك المركزي الأوروبي سيقوم بموجبه بإعادة شراء ما يوازي 1850 مليار يورو من ديون الدول والمنشآت في منطقة اليورو في الأسواق.
تضامن عمليّ
لا يقوَ أي بلد على التغلّب على الأزمة بمفرده فلا بدّ من أن نواصل الاسترشاد بمبدأ التضامن سواء أكان ذلك في الوقت الراهن أو بعد انقضاء الوباء. وجرى تفعيل عدد من الآليات الأوروبيّة الخاصّة بالتنسيق وتبادل المعلومات وانتهاج الممارسات الجيدة وإدارة الأزمات بُغية دعم الوزارات المسؤولة عن القطاعات المتضرّرة من جرّاء الأزمة. وتجلّى ذلك على وجه الخصوص في لجان الخبراء، لا سيّما في المجال الصحي، ففرنسا مُمثلة في اللجنة المعنية بالأمن الصحي من قبل وزارة التضامن والصحة.
وتجلّى التضامن بين البلدان الأوروبية يومياً على نحو عمليّ، وذلك من خلال استقبال المرضى لتخفيف العبء الذي تنوء به البلدان الأكثر تضرراً من الأزمة ومن خلال التبرّع بالمعدّات الطبيّة إذ تلقّت إيطاليا مثلاً أكثر من ثلاثة ملايين قناع واق من البلدان المجاورة ومن خلال تنسيق الجهود بهدف إعادة أكثر من 78 ألف مواطن أوروبي إلى ديارهم كانوا عالقين في الخارج ومنهم 8 آلاف مواطن فرنسي وأخيراً من خلال إقامة برامج بحثيّة مشتركة.
وأنشأت المفوضية الأوروبية آليةً تُعنى بمراقبة تطبيق التدابير في حالات الطوارئ التي اتخذتها الدول الأعضاء من أجل كفالة احترام القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي.
وقررت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التحدّث بصوت واحد مع المختبرات الصيدلانية فيما يخص شراء اللقاحات المضادة لفيروس كورونا بغية ضمان تزويد المواطنين الأوروبيين وغيرهم باللقاح. وطلب الاتحاد الأوروبي الحصول على أكثر من مائتي مليون جرعة من أجل تلقيح مائة مليون شخص في أوروبا، إذ أنه يتوخى حماية الأوروبيين وضمان السلامة والفعالية. وقد خضعت اللقاحات التي تم تطويرها إلى تقييم مشترك أجرته الوكالة الأوروبية للأدوية، وسمحت الوكالة في 21 كانون الأول/ديسمبر الماضي بطرح اللقاح الأول الذي طوّرته شركة فايزر (BioNTech/Pfizer) في الأسواق. واتّفقت الدول الأعضاء على أن تبدأ معًا حملات التلقيح في 27 و28 و29 كانون الأول/ديسمبر (#EUvaccinationdays).
تضامن دولي
في 8 نيسان/أبريل 2020، قدّمت المفوضية الأوروبية بمعيّة الممثّل السامي حزمة التدابير "فريق أوروبا" الرامية إلى دعم الجهود التي تضطلع بها البلدان الشريكة للتصدّي لجائحة فيروس كورونا. ويهدف هذا النهج إلى دمج موارد الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ومؤسساته المالية، وخاصةً المصرف الأوروبي للاستثمار والمصرف الأوروبي للإنشاء والتعمير. ووصلت القيمة الإجمالية لبرنامج "فريق أوروبا" إلى زهاء 38،5 مليار يورو.
ويتركّز الدعم الأوروبي بالدرجة الأولى على التصدّي لحالة الطوارئ الصحية وعلى الحاجات الإنسانية المترتبة عليها، وعلى تعزيز النُظم الصحية والتزويد بالمياه والانتفاع بشبكات الصرف الصحي، وعلى قدرة البلدان الشريكة واستعدادها لمواجهة الجائحة، فضلًا عن التخفيف من حدّة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن الأزمة الصحية، لا سيّما من خلال دعم القطاع الخاص والمنشآت الصغيرة والمتوسطة الحجم والإصلاحات السياسية الرامية إلى تقليص معدلات الفقر.
ونُفّذت بالفعل العديد من التدابير، على غرار التبرّع بسيارات إسعاف حديثة وبعربات تطهير وتسليم تجهيزات حماية فردية وحصص غذائية. وأقامت المفوضية الأوروبية، بدعم من فرنسا ودول أعضاء أخرى، جسراً جوياً إنسانياً لصالح البلدان التي تواجه صعوبات، لا سيّما في أفريقيا، بغية نقل المعدات الطبية والطواقم الطبية إلى بؤر الأزمات.
ومواجهةً لوباء فيروس كورونا، لا بد من التحلّي بالتضامن الدولي والتمسّك بتعددية الأطراف كشرطين أساسيين من أجل النجاح في إنهاء الأزمة الراهنة على نحو منسّق. وفي هذا الصدد، فإن فرنسا والاتحاد الأوروبي اللذين عملا مباشرة منذ بداية الأزمة الصحية على التصدّي لها دوليًا، يوصلان اليوم نشاطهما بنجاح وعزم.
وتُجسّد مبادرة ACT-A التي أُنشئت في نيسان/أبريل 2020 بمبادرة من رئيس الجمهورية التزامنا بهذا الشأن. وتهدف هذه المبادرة التي نُفّذت برعاية منظمة الصحة العالمية إلى إتاحة تطوير المنتجات الصحية لمكافحة فيروس كورونا كاختبارات التشخيص والعلاجات واللقاحات، وإتاحة إنتاجها والحصول عليها في جميع أنحاء العالم على نحو منصف، كما تهدف المبادرة إلى دعم النُظم الصحية في البلدان الأكثر هشاشةً.
وعلاوة على ذلك، التزم رئيس الجمهورية بتخصيص عددًا من الجرعات التي ستحصل عليها فرنسا في إطار الطلبية الأوروبية لتلقيح العاملين في المجال الصحي والذين هم في أمس الحاجة إلى اللقاح في البلدان الأكثر هشاشةً.