مقابلة مع وزير أوروبا والشؤون الخارجية، جان إيف لودريان: "ثمة فرصة تلوح في الأفق مع روسيا"

حصة

لا تزال محاربة الإرهاب أولوية في عمل جان إيف لودريان الذي شغل حقيبة الدفاع طيلة الفترة الرئاسية السابقة. يتحدث وزير أوروبا والشؤون الخارجية بالتفصيل لصحيفة لوموند عن التحديات التي تنتظره في أول مقابلة صحفية يجريها منذ تسلمه منصبه.

هل يمثل عملك الدبلوماسي استمرارية للفترة الرئاسية السابقة أم تعتزم اتباع مسار مختلف؟

لست شخصاً يقطع صلته بالماضي، فأنا أعمل في خدمة دبلوماسية فعّالة وبراغماتية أرادها رئيس الجمهورية على هذه الصورة، وهي بالنسبة إلي كالعلامة التجارية، أما على الصعيد الدولي، فنحن نرغب أن تعود فرنسا قوية وطموحة في ثلاثة مجالات رئيسة.
وأول هذه المجالات، يتمثل في حماية مواطنينا وأمنهم في مواجهة الإرهاب الذي يهددهم على أراضينا، غير أن جذوره ضاربة في الأزمات الناشئة في محيطنا المباشر. والحماية تعني أيضاً التصدي لمشكلة المناخ. وثاني المجالات هو المجال الاقتصادي، فتمتع فرنسا بالطموح يعني أنها قادرة على تأكيد مصالحها وقدراتها من أجل الاستحواذ على أسواق جديدة، وأكثر قدرة على الاستقطاب، وسيتمثل دور الدبلوماسية من الناحية الاقتصادية في استغلال الفرص التي تنتج عن الإصلاحات التي يطلقها رئيس الدولة لخدمة القدرة التنافسية الفرنسية. وأخيراً، إن تمتع فرنسا بالقوة والطموح يُحتّم قدرتها على التأثير فيما يتعلق بنشر الثقافة، مثل الدفاع عن القيم التي نجسدها. ويتكئ كل ذلك على بعد أوروبي أعيدت صياغته.

أُعطيت الأولوية "لأوروبا التي تحمي"، فكيف يمكن بناء منظومة دفاع أوروبية بوجود 27 بلداً لديها رؤى استراتيجية ومصالح مختلفة إلى هذا الحدّ؟

بدأ الأوروبيون يعون ضرورة تأمين حمايتهم بأنفسهم، وقد ظهر هذا الوعي جلياً في قمة منظمة حلف شمال الأطلسي التي عُقدت في بروكسل، وفي الدورة الأخيرة للمجلس الأوروبي، وحصلت إبان هذه الاجتماعات نقلة نوعية حقيقية باتجاه دفاع مشترك ومتبادل من خلال إنشاء صندوق أوروبي للدفاع من المفترض أن يُزود بمبلغ 500 مليون يورو، وهذا يعتبر سابقة، كما أُقرت الأعمال التحضيرية، أي مشاركة البحوث في مجال الدفاع، وتقديم الدعم لمفهوم التعاون المنظم الدائم، أو اتخاذ قرار بتمويل مشترك لنشر تجمعات عسكرية تكتيكية. وهذا تقدم كبير علينا أن نضمن تنفيذه بصورة جيدة بالتعاون مع وزيرة القوات المسلحة.

لكننا لا نشترك مع ألمانيا في قواعد الاشتباك نفسها، ولا نتمتع بالقوة نفسها …

لا يتعلق الأمر بإنشاء جيش أوروبي، لكن بتأكيد الإرادة لأن نضمن معاً أمننا الذاتي، فكل دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد لديها تاريخها الخاص بها، ولديها تقاليدها بالنسبة إلى قواعد الاشتباك، إلا أننا نقوم بالخطوات اللازمة باتجاه تحقيق الحد الأدنى من العمل المشترك.
ففي زيارتي الأخيرة إلى جاو في مالي بصفتي وزيراً للدفاع، حلّقت في طائرة عمودية مقاتلة ألمانية، وكان هذا الأمر غير قابل للتصور من سنوات خمس خلت، فإثر اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، قرر الأوروبيون إنفاذ الفقرة 7 من المادة 42 من معاهدة لشبونة التي تقتضي تعبئة الإمكانات الأوروبية إلى جانب فرنسا. وقد كانت هذه اللحظة أساسية في إدراك المخاطر التي علينا مواجهتها سوية، وبدأ هذا الوعي في التجسد من خلال الاتفاقات.

أكدت واشنطن احتمال عزم النظام السوري على استخدام الأسلحة الكيميائية مجدداً، وهذا يعتبر "خطاً أحمر" بالنسبة إلى الرئيس الفرنسي الذي أشار إلى احتمال توجيه فرنسا ضربات حتى وإن كانت بمفردها، فماذا عن هذا الأمر؟

إننا سنتحرك اعتباراً من اللحظة التي يُوثَّق فيها استخدام الأسلحة الكيميائية وتكون لدينا القناعة بإمكانية تحديد المسؤولين عنها. وقد كان موقف الرئيس شديد الوضوح بالنسبة إلى هذه النقطة، ويتعلق الأمر بالإضافة إلى ما سبق بإثبات الانتهاك العمد لاتفاق عام 2013 بشأن تفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية الذي أُبرم بوجه خاص برعاية روسيا.

أشار الرئيس إلى تعديل موقف الدبلوماسية الفرنسية بذكره قولك: "تنظيم داعش عدونا، وبشار عدو الشعب السوري". فهل كنت أنت من أقنعه بهذا التعديل؟

إنها رؤيته الخاصة للوضع، ونحن واقعيون إلى حدّ بعيد، فالواقعية تقول بألا نجعل من رحيل بشار الأسد شرطاً مسبقاً للمحادثات، كما تقول أيضاً بعدم الإيهام بإمكانية إيجاد حلّ للنزاع الدائر حوله، فأنا لا أستطيع تصور إمكانية عودة ملايين اللاجئين الذين هربوا أو طردهم بشار الأسد في ظلّ غياب تطور الوضع في سورية.

وما هو رأي محاوريكم الروس؟

هل سمعت الروس يقولون إن بشار الأسد يمثل مستقبل سورية؟ هل بشار الأسد حليف في مكافحة الإرهاب؟ أنا لم أرى شيئاً يجعلني أعتقد بذلك.

هل أصبح الفوز بالحرب ضد تنظيم داعش في سورية والعراق وشيكًا؟

إن الأمور تتطور سريعاً، فالجيش العراقي في طريقه لاستعادة الموصل، عاصمة من ادّعى الخلافة، وإن تقدم القوات المدعومة من التحالف يسمح بتضييق الخناق حول الرقة عاصمة التنظيم في سورية. فمحاربة هذا التنظيم تأتي بثمارها على الرغم من وجود خطر انسحاب أو تشرذم من تبقى من المقاتلين الجهاديين، ولا سيما في منطقة الفرات الأوسط.
وفي المقابل، لا يوجد تقدم في المحادثات بشأن إيجاد حلّ سياسي لهذا النزاع الذي تسبب خلال ستة أعوام في وفاة أكثر من 360000 شخص وفي لجوء أو نزوح الملايين. فأمننا لن يتحقق بالكامل إلا إذا وضعنا حداً للفوضى التي تعمّ في سورية وذلك بالإضافة إلى دحر تنظيم داعش عسكرياً. فعلينا إذا العمل من أجل إيجاد حلّ لهذا الوضع.
ولدينا مجموعة من المبادئ الأساسية التي نقترحها بغية إحياء العمل السياسي والدبلوماسي بشأن سورية، والمبدأ الأول يتمثل في مكافحة جميع أشكال الإرهاب، والثاني في منع استخدام أو تصنيع الأسلحة الكيميائية منعاً باتاً، والثالث في تأمين إيصال المساعدات الإنسانية إلى كل من يحتاجها في سورية، والرابع في إيجاد حلّ سياسي يُشرك جميع المكونات السورية، بدعم من الأمم المتحدة، ولا سيما دعم الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وبلدان المنطقة.
وبناء على هذه الأسس، يجب الحثّ على إقامة مناطق تخفيف التوتر التي جرى التفاوض عليها في أستانا [وهي مدينة في كازاخستان حيث ترعى كل من روسيا وإيران وتركيا المحادثات بين الحكومة والمعارضة السورية]، وبحث جميع سبل الحوار وتنفيذ عملية انتقالية بالاشتراك مع كل من يؤمن بهذه المبادئ.

هل من الممكن أن تشارك فرنسا في عملية أستانا؟

يمكننا العمل مع جميع الذين يقدرون أنه باستطاعتهم الالتزام بالمبادئ البسيطة نسبياً التي ذكرها رئيس الجمهورية إبان زيارة الرئيس بوتين إلى قصر فرساي. وهذا ما قلته لنظيري سيرغي لافروف بناء على طلب الرئيس، وأتمسك بالخطاب نفسه مع جميع محاورينا الكبار بشأن الأزمة السورية.

إن فرنسا لم تكفّ مطلقاً عن الحديث مع روسيا، لكن دون جدوى، فلماذا قد تتغير الأمور اليوم؟

لا يسعني الدخول في التفاصيل الآن، لكني أعتقد أن هناك فرصة تلوح في الأفق حالياً، فاستمرار المأساة السورية أصبح عاراً على المجتمع الدولي بأسره، وأعتقد أن الروس يدركون كما الجميع بأنه لا يوجد حلّ عسكري لهذا النزاع، ويمكننا أن نحرز تقدماً إذا ما اتبعنا نهجاً جديداً يقوم على وضع قاعدة من المبادئ الصلبة التي تبدو لي غير قابلة للدحض، ودون وضع شروط مسبقة بلاغية وإنما من خلال إيجاد جسور جديدة بين مختلف الجهات.

ما الذي يجب فعله من أجل إحلال الاستقرار في ليبيا؟ إشراك المشير حفتر؟

إن الملف الليبي بالنسبة إلي هو ملف رئيس اليوم، فالخطر الأمني يزداد في ليبيا، وهو يتجلى بالاتجار بكل أشكاله، ولا سيما الاتجار بالبشر؛ فطريق الهجرة عبر وسط المتوسط عاد ليصبح الطريق الأهم، ولا يوجد دولة ليبية نتحدث معها في هذا الشأن، ولا يمكننا القبول بهذا الوضع.
وكنت قد حذرت منذ عام 2014 من خطورة تموضع تنظيم داعش في ليبيا، وهذا ما حصل؛ ومع أن نطاق عمليات التنظيم في ليبيا قد تقلص، ولا سيما في محيط سرت ودرنة وبنغازي، فإن الجهاديين تشرذموا وتهديدهم لا يزال قائماً. واليوم الدولة في ليبيا غائبة تماماً، ويجب إعادة بناء جميع هيكلياتها. ومنذ استلامي لمنصبي، قمت بزيارة تونس والجزائر ومصر، وسأذهب قريباً إلى إيطاليا من أجل إثارة هذا الملف والمساعدة على التوصل إلى اتفاق.
ويجب أن يبقى إطار الصخيرات [ مدينة مغربية أُبرم فيها اتفاق برعاية الأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 2015، أتاح تشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة فائز السراج ] هو إطار العمل، لكن مع تعديل بنيته برعاية الأمم المتحدة ودول الجوار. ويمثل المشير حفتر [ الذي يعارض سلطة حكومة فائز السراج التي مقرها طرابلس ] جزءاً من الحل مثله مثل رئيس الحكومة السراج. وفي جميع الأحوال، لا يمكن أن تبقى فرنسا مكتوفة الأيدي، وليبيا هي أولوية بالنسبة إلى رئيس الجمهورية.

وفي الملف الأوكراني، قال رئيس الجمهورية إنه ينبغي التوصل إلى حلول أخرى غير اتفاقات مينسك إذا لم تأتِ هذه الاتفاقات بنتائج خلال الأشهر القليلة القادمة. فما معنى ذلك؟

لا يوجد اليوم بديل لعملية مينسك، فحالياً لا يملك أحد تصوراً لمنتدى آخر، لا الروس ولا الأوكرانيون، لذلك نعتقد بحتمية إحراز تقدم في هذه العملية، وإن كان بخطوات صغيرة. وما يهمنا الآن هو أن يقوم الطرفان بتنفيذ الخطوات الضرورية، وأن تحدث حركة إيجابية سواء كان ذلك من خلال تبادل الأسرى، أو السحب الفعلي للأسلحة الثقيلة من خط التماس، أو من خلال الاعتراف المتبادل ببطاقات الهوية الشخصية، أو التخلي عن الحصار من جهة، وعن استحواذ الشركات من جهة آخر.
ويجب التحرّك قبل اللقاء الجديد الذي سيُجرى في إطار صيغة نورماندي [والذي يجمع القادة من روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا]، وسيقوم على أسس يضعها مراقب حيادي وهو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

هل لا يزال هناك توافق حيال العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا؟

نعم، ولكن يجب أن نكرر للأطراف المعنية أنه يمكن التراجع عن هذه العقوبات اعتباراً من اللحظة التي يتحقق فيها تقدم في الملف الأوكراني، وليس هو الحال في الوقت الراهن، فيجب القيام بأعمال تعبّر عن إرادة سياسية في أوكرانيا.

هل تزعزعت ثقتك بسبب عدم تأكيد دونالد ترامب لأعضاء حلف شمال الأطلسي علناً استعداده لتنفيذ المادة 5 [ التي تنص على التضامن التلقائي في حال حدوث اعتداء على أحد أعضاء الحلف] عندما قدِم إلى بوكسل في أيار/مايو؟

المادة 5 تُلزم الولايات المتحدة الأمريكية اعتباراً من اللحظة التي وقّعت فيها على معاهدة حلف شمال الأطلسي، وبالمناسبة، المرة الوحيدة التي فُعِّل فيها العمل بهذه المادة كان إثر هجمات 11 أيلول/سبتمبر. وقد كان كلام ترامب في بروكسل حازماً للغاية، ومرر رسالتين أساسيتين، إذ تراجع عن الأحكام القطعية التي أطلقها بشأن ترهل حلف شمال الأطلسي، وطالب الأوروبيين بزيادة الاستثمارات المتعلقة بأمنهم، وهذا ما نرغب فيه نحن أيضاً كفرنسيين.

إن دونالد ترامب مدعو في 14 تموز/يوليو إلى حضور العرض العسكري في جادة الشانز إليزيه، فماذا تنتظرون منه؟

عام 2017 هو الذكرى المائوية الأولى لدخول الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الأولى إلى جانب فرنسا، وأنا سعيد للغاية لتمكن قوات أمريكية من المشاركة في الاستعراض العسكري في الشانز إليزيه، ومسرور لقبول الرئيس الأمريكي دعوة رئيس الجمهورية، فهذه طريقة جيدة لإبراز التاريخ المشترك بين بلدينا.
ونحن حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية منذ استقلالها، ويمكن أن نختلف أحياناً، مثل خلافنا الحالي بشأن تغير المناخ، إلا أننا نتعاون في كثير من المجالات بشأن موضوعات هامة لبلدينا مثل موضوع مكافحة الإرهاب. وأنا أتمنى استمرار هذه العلاقة البنّاءة.

وهل هناك سبيل للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية بشأن المناخ؟

في المقام الأول، يجب تسريع عمليات تصديق الدول على الالتزامات المقطوعة في الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، وأنا أثير هذا الموضوع مع جميع من أتحدث معهم في أنحاء العالم كافة، ولا يزال هناك ثلاثة بلدان أوروبية لم تصدق بعد على الاتفاقية. ثم هناك الضغط الداخلي الذي يمارسه حكام الولايات ورؤساء البلديات ومدراء الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية الذين أعلنوا أنهم سيستمرون في تنفيذ الاتفاق بشأن المناخ، ويجب علينا أن نستمر في بذل الجهد لإقناع الرئيس ترامب. وأخيراً، ستعمل فرنسا على إضافة مراحل جديدة إلى هذا الملف الهام بالنسبة إلى مستقبل كوكبنا.

كان الرئيس ترامب في الخطاب الذي ألقاه في الرياض عنيفاً اتجاه إيران، إذ وصفها بمصدر زعزعة الاستقرار والإرهاب، فهل تشاركه فرنسا النظرة نفسها؟

لدينا مطالب من إيران، أولها، تنفيذ التزاماتها بحزم ودقة بشأن عدم انتشار الأسلحة النووية، وهذا ما يتم حالياً، وثانيها، أننا نشعر بالقلق الشديد من التجارب التسيارية التي تجريها إيران، وهي من الصعوبات التي تواجه علاقتنا بها. أما بالنسبة إلى ما تبقى، فإيران بلد ذو أهمية ويجب احترامه، ويتوجب عليه اتباع أسلوب بنّاء مع محيطه الإقليمي، فعلى إيران احترام السلامة والسيادة الكاملة لجيرانها، أما بالنسبة إلى الإرهاب، فتتوجب محاربته في أي مكان كان وبغض النظر عن أصوله.

إن فرنسا قريبة من قطر، ولكنها قريبة أيضاً من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فمع مَن الحق في هذه الأزمة الكبيرة التي تسببت في خلافهم؟

إن هذه المنطقة استراتيجية بالنسبة إلى فرنسا، ولدينا فيها شراكات ضخمة مع عدة بلدان، وحتى أنه لدينا اتفاقات بشأن الدفاع مع الكويت والإمارات وقطر، ونعتقد أن هذه الأزمة تسبب الإزعاج لجميع بلدان الخليج، فمن مصلحتهم إيجاد حلّ للأزمة، وموقفنا منها واضح.
ففي البداية، يجب مكافحة كل أشكال دعم الإرهاب، مهما كانت، وهذه المسؤولية تقع على كاهل التعاون لدول الخليج العربية مجتمعة وعلى كاهل كل منها على حدة، ثم يجب تسوية هذه الأزمة ضمن مجلس التعاون الخليجي وليس بواسطة تدخلات خارجية. فنحن ندعم وساطة أمير الكويت. وأخيراً، نعتقد أنه على بلدان الخليج الشروع بتخفيف التوتر، فالتفرقة لا تخدم مصالحها.

ستنطلق قوة مكافحة الإرهاب التابعة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل يوم الأحد في باماكو، لكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رفض المشاركة في تمويلها، فهل هذه مشكلة؟

إننا نشعر بالرضا بتشكيل هذه القوة المشتركة، وقد قلنا مراراً إن أمن المنطقة يجب أن يكون منوطاً بالأفارقة أنفسهم، ولا يجب التقليل من أهمية هذه الخطوة، ولا غنى عن القرار المعتمد بالإجماع في مجلس الأمن لإضفاء صفة شرعية على هذه القوة ولتيسير تمويلها أوروبياً. أما الدعم الذي يمكن أن تقدمه الأمم المتحدة، فسيكون موضوع تقرير يقدمه الأمين العام إلى مجلس الأمن في تشرين الأول/أكتوبر خلال ترؤس فرنسا للمجلس.

وهل الهدف من هذه القوة هو أن تحلّ محلّ بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي أو محلّ عملية بارخان؟

حتى الآن، تتألف قوة مكافحة الإرهاب التابعة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل من كتيبة عن كل بلد، ومستوى تجهيزها لا يزال ضعيفاً، فيجب مساعدتها من أجل الارتقاء بقدرتها، وهي معدّة في المقام الأول لتأمين الحدود، ولا سيما في المناطق التي تزداد فيها المجموعات الإرهابية، فعملها هو مكافحة الإرهاب، ومن أولويات عملية بارخان (العملية الفرنسية لمكافحة الإرهاب في بلدان الساحل الخمس) مرافقة هذه القوة على مرّ الزمن.

إلى متى؟

حتى إحلال السلام.

لكن هذا يمكن أن يأخذ الكثير من الوقت …

عندما بدأنا التدخل في عام 2013، كنا في مواجهة إرهاب إقليمي ذي شكل عسكري، كان يحتل النصف الشمالي من مالي ويهدد نصفها الجنوبي، أما الآن فقد تحول إلى إرهاب ينتهز الفرص ويتّبع أسلوب المضايقة، غير أنه عاد ليصبح خطيراً منذ تشكيل جماعة دعم الإسلام والمسلمين التي التفّت حول إياد أغ غالي الذي نجح في جمع شمل مجموعات متباينة بما فيها شعب الفولا، مما أدى إلى إدراك بلدان المنطقة للخطر المحدق بهم، وأبدوا رغبتهم في الشروع بمكافحة الإرهاب. ومن أجل مكافحة هذا النوع من الإرهاب، يجب التحلي بالقدرة على مهاجمة مصادر تمويله، ولا سيما شبكات الاتجار بالمخدرات.

في تصريحاتك العامة، قليلاً ما تثير موضوعَي التنمية وحقوق الإنسان، أليسا هامين؟

عل النقيض من ذلك، هما جوهريان، لكنني أبحث عن الفعالية وليس عن الدعاية. فعندما سأقابل الرئيس المصري السيسي، سأطرح معه هذين الموضوعين بكل صراحة، وحتى أنني سأعطيه أسماء أشخاص يقلقنا مصيرهم؛ أما عندما أعلّق على أعمالي في الصحافة، فأنا أقوم بذلك على حساب الفعالية. أما بالنسبة إلى التنمية، فهي أيضاً مسألة محورية، وستكون جزءاً هاماً من عملي، فنحن لا يمكن أن نتصور حلاً لأزمة الساحل من خلال العمل العسكري بمفرده.

أجرى المقابلة كريستوف أياد ومارك سيمو