إزالة الألغام المضادة للأفراد

حصة

تنصّ اتفاقية أوتاوا على أن اللغم المضاد للأفراد هو "لغم مصمم للانفجار بفعل وجود شخص عنده أو قريباً منه أو ملامسته له، ويؤدي إلى شلّ قدرات أو جرح أو قتل شخص أو أكثر".

الألغام المضادة للأفراد، معركة لم تُحسَم بعد

لا تزال الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب تسفر عن وقوع ضحية كل ساعتين في العالم. يواجه السكّان تهديدات من قبيل الأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع والألغام اليدوية الصنع وبقايا المتفجرات من مخلّفات النزاعات الأخيرة.

وتشير التقديرات إلى أن عشرات الملايين من الألغام المضادة للأفراد مدفونة ونشطة في زهاء ستين بلداً بل وأحياناً بعد مرور مدة طويلة على نهاية النزاعات المسلحة التي خلّفت هذه الألغام. وتتسبّب الألغام المضادة للأفراد في أضرار بشرية ومادية جسيمة. وتُزرع هذه الأسلحة عشوائياً فلا تميّز بين عسكري ومدني تقتلهم وتشوههم وتتسبّب في إصابتهم، وغالباً ما يكون ذلك بعد فترة طويلة من انتهاء الأعمال العدائية.

إعادة الإعمار سبيل تعترضه الألغام

يمثّل استمرار وجود مناطق شاسعة مزروعة بالألغام عقب انتهاء النزاعات، عقبة تحول دون عودة السكّان النازحين وإرساء الاستقرار وإعادة الإعمار واستئناف الحياة الاقتصادية والاجتماعية الطبيعية. وبذلك، يمثل انتشار الألغام المضادة للأفراد عاملاً يفاقم حدّة سوء التنمية.

ولعلّ أفغانستان وأنغولا وكمبوديا هي أكثر البلدان تضرراً من هذه الأسلحة. وتظهر هذه المشكلة بوضوح في المناطق التي استمرت فيها الحرب ضد تنظيم داعش عدة سنوات كسورية والعراق، دون إغفال بلدان أخرى على غرار كولومبيا وليبيا ولبنان والأراضي الفلسطينية فضلًا عن عدد من البلدان الأفريقية كبنن والسنغال وموريتانيا وغينيا.

Illust: عملية إزالة الألغام, 493.3 كيلوبايت, 1000x500
عملية إزالة الألغام في سنجر (العراق)
© Mines Advisory Group

الصكوك الدولية المعنية بمكافحة الألغام المضادة للأفراد

تنظيم استخدام الألغام: اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة لعام 1980

تضبط اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة المعتمدة سنة 1980 استعمال جميع أنواع الألغام الأرضية وترمي إلى التصدّي للتحديات الإنسانية الناجمة عن المتفجرات من مخلّفات الحرب. وتحظر الاتفاقية أو تقيّد استعمال الأسلحة التقليدية التي قد يُعتبر أن آثارها مفرطة أو غير إنسانية، وتضم اليوم خمسة بروتوكولات يختصّ كل منها بنوع معيّن من الأسلحة.

ويتعلّق اثنان منها بمكافحة الألغام والمتفجرات من مخلّفات الحرب وهما:

  • بروتوكول الاتفاقية الثاني الذي يضع قيوداً عامة على استخدام الألغام الأرضية، المضادة للأفراد منها والمضادة للمركبات، والأشراك وغيرها كالأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع. ويفرض البروتوكول على الدول أن تكون الألغام المضادة للأفراد مزودة بآلية للتدمير الذاتي وأن يتم نصب إشارات تدل على حقول الألغام، وتسييج هذه الحقول ومراقبتها. كما ينص على تطهير المناطق المزروعة بها وحماية السكّان المدنيين من الأخطار المرتبطة بهذه الأسلحة. واعتُمد البروتوكول الثاني في عام 1980 وتمّ تعديله في عام 1996 لتوسيع نطاقه إذ بات يشمل النزاعات الداخلية ولم يعد مقتصراً على النزاعات الدولية فحسب.
  • أمّا البروتوكول الخامس المعتمَد في عام 2003 فيرمي إلى الحدّ من المخاطر الكامنة في المتفجرات من مخلّفات الحرب، أيّ الذخائر غير المتفجرة أو المتروكة عقب نهاية النزاعات المسلحة. ويجب على الدول الأعضاء في هذا البروتوكول تحديد المتفجرات من مخلفات الحرب أو إزالتها أو تنحيتها أو تدميرها في الأراضي الواقعة تحت سيطرتها بعد انتهاء الأعمال العدائية. وعليها أيضاً بذل جهود من حيث الإعلام والتوعية بمخاطرها والتعاون والمساعدة في هذا المجال. وهكذا، يأتي البروتوكول الخامس ليتمّم نظام حماية السكّان المدنيين ويعززه.

اتفاقية أوتاوا ومنع الألغام

تضع اتفاقية أوتاوا الموقّعة عام 1997 معياراً لحظر الألغام المضادة للأفراد بالكامل، إذ تحظر المادة الأولى منها استحداث الألغام المضادة للأفراد واستعمالها وإنتاجها وحيازتها وتخزينها ونقلها. ولا يُسمح إلا بالاحتفاظ بمخزون من الألغام لغرض تطوير أنظمة إزالة الألغام ونقلها لغرض تدميرها. ويجب على الدول الموقّعة تدمير مخزوناتها في غضون أربع سنوات وتطهير المناطق المزروعة بالألغام في أراضيها في غضون عشر سنوات. وفيما يخص الجوانب الإنسانية والتعاون في مجال التنمية، تتضمن اتفاقية أوتاوا أحكاماً ترمي إلى تعزيز التعاون والمساعدة الدولية المتبادلة في مجال نزع الألغام ومساعدة ضحايا الألغام.

واليوم، يبلغ عدد الدول الأطراف في اتفاقية أوتاوا 164 دولة. ولكن مع كل أوجه التقدم التي أحرزتها الاتفاقية، يُسهم عدم انضمام البلدان الرئيسة الحائزة، وهي الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وباكستان والهند، في تقليص نطاقها.

ويتمثّل هدف اتفاقية أوتاوا في بلوغ عالم خالٍ من الألغام في عام 2025.

واعتمد المؤتمر الاستعراضي الثالث للاتفاقية الذي عُقد في مابوتو عام 2014 إعلاناً سياسياً طموحاً وخطة عمل للأعوام من 2014 إلى 2019 للمساعدة في تحقيق الهدف المتمثّل في بلوغ عالم خالٍ من الألغام بحلول عام 2025.

ما الإجراءات التي تتخذها فرنسا لمكافحة الألغام المضادة للأفراد؟

ترويج اتفاقية أوتاوا

صدّقت فرنسا على اتفاقية أوتاوا في 23 تموز/يوليو 1998. وفرنسا تاريخ طويل في الوفاء بالتزاماتها المتعلّقة بتدمير مخزونها من الألغام وعمليات تطهير المناطق بموجب الاتفاقية. وأتمّت في عام 1999 تدمير مخزوناتها من الألغام المضادة للأفراد، وأنهت تطهير المناطق المشمولة بولايتها في عام 2008 مع نهاية تطهير جيب دودة في جيبوتي.

وتدعم فرنسا تنفيذ اتفاقية أوتاوا في جميع أنحاء العالم والعمل على صون سلامة الاتفاقية وتعزيز فعاليتها. وهي تكرّس جهوداً كبيرة للتعاون في مجال إزالة الألغام ومساعدة الضحايا. وقدّمت فرنسا على سبيل المثال لا الحصر، الدعم المالي للحملة الدولية لحظر الألغام المضادة للأفراد، وهي مجموعة منظمات غير حكومية وحائزة على جائزة نوبل للسلام في عام 1997، كما ساهمت في مشروع "مكتبة الألغام" Bibliomines.

دور فرنسا في مجالي نزع الألغام ومساعدة الضحايا

يتجسّد التزام فرنسا بمكافحة الألغام المضادة للأفراد في تقديم الدعم، ولا سيما الدعم المالي، إلى عددٍ من المشاريع الرامية إلى مكافحة الألغام المضادة للأفراد وعواقبها، وهي تبذل في هذا الصدد جهودًا لا يستهان بها.

ويشمل إسهام فرنسا في مكافحة الألغام أيضاً تمويل برامج تُعنى بما يلي:

  • تطهير الأراضي،
  • مساعدة الضحايا،
  • التدريب على نزع الألغام لأغراض إنسانية،
  • تدمير الذخائر،
  • دريب الأطباء والممرضين العسكريين لمساعدة الضحايا.

وترمي إجراءات التوعية ونزع الألغام لأغراض إنسانية الآنفة الذكر إلى تمكين السكّان النازحين واللاجئين الأكثر ضعفاً من العودة إلى ديارهم. وفي عام 2017 مثلاً، أسفرت جهود وحدة إرساء الاستقرار في مركز الأزمات والمساندة بالشراكة مع عددٍ من المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية المختصّة بإزالة الألغام لأغراض إنسانية عن تدمير أكثر من ألف لغم ومتفجرات من مخلّفات الحرب، وعودة مئات الأسر في العراق وسورية إلى قراهم.

وتمرّر فرنسا مساهماتها في مكافحة الألغام ومساعدتها في إزالة الألغام لأغراض إنسانية عبر قناتي الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بصورة أساسية. وتعقد فرنسا العزم على الحفاظ على هذه التعبئة بشأن موضوع يكتسي أولويةً في أنشطتها الدبلوماسية.

ضمان الامتثال للالتزامات الدولية

الهيئة الوطنية لإزالة الألغام المضادة للأفراد

أُنشئت الهيئة الوطنية لإزالة الألغام المضادة للأفراد في عام 1998 لضمان تنفيذ فرنسا التزاماتها المتعلّقة بالتطهير وتدمير مخزوناتها بموجب اتفاقية أوتاوا. وجرى توسيع ولايتها في عام 2010 لتشمل متابعة تطبيق الاتفاقية بشأن حظر الذخائر العنقودية (اتفاقية أوسلو) على الصعيد الوطني. ولمّا وفت فرنسا بالتزاماتها بموجب هاتين الاتفاقيتين، فإن دور اللجنة قد تغيّر وباتت تُعنى بمراقبة وتنسيق أنشطة فرنسا في مجالي إزالة الألغام للأغراض الإنسانية ومساعدة الضحايا.

وتجتمع هذه الهيئة مرتين سنوياً وتتألف من حوالي عشرين عضواً وهم:

  • أعضاء برلمان؛
  • أعضاء الإدارتين المعنيتين أيّ وزارة أوروبا والشؤون الخارجية بما في ذلك مركز الأزمات والمساندة، ووزارة القوات المسلحة.
  • ممثلو المجتمع المدني والشخصيات المؤهلة.

ومن ثمّ، تشجّع الهيئة إجراء حوار منتظم بين مختلف الأطراف المعنية المشاركة في تصميم وتنفيذ أنشطة فرنسا المتعلّقة بإزالة الألغام للأغراض الإنسانية.
وتُعدُّ الهيئة تقريراً عاماً كل سنة يرد فيه بيان أنشطتها وتقدمه إلى البرلمان.

للاستزادة

المواقع المرجعية:

قاعدة الوثائق:

كانون الأول / ديسمبر 2019

روابط هامة