ضمان أمن الفضاء الإلكتروني
يجب أن يبقى الفضاء الإلكتروني مساحةً للحرية والتبادل وتحقيق النمو، ويستند هذا الرهان الأساسي بالنسبة إلى الدبلوماسية الرقمية الفرنسية إلى استراتيجية دولية تتّبعها فرنسا في المجال الرقمي. ويأخذ الموقف الفرنسي في الاعتبار أن أمن الفضاء الإلكتروني أصبح جزءًا من استراتيجيات النفوذ وموازين القوى التي تنظّم العلاقات الدولية، فهو شرط من شروط تحقيق الازدهار والتقدّم في مجتمعاتنا.
ماهية أمن الفضاء الإلكتروني
يشمل أمن الفضاء الإلكتروني مجمل التدابير الأمنية التي قد تُتخذ من أجل الدفاع عن نظام المعلومات ضد الهجمات الإلكترونية. ويسجل تعقيد الهجمات الإلكترونية وكثافتها ازديادًا مطّردًا، لذا قامت غالبية البلدان المتقدمة في الآونة الأخيرة بتعزيز صلابة [1] بنيتها التحتية وإرساء ثقافة تُعنى بأمن الفضاء الإلكتروني في القطاعَين الخاص والعام على حدّ سواء، وعملت على حماية بنيتها التحتية المهمة التي قد يمثّل المساس بها خطرًا أمنيًا واقتصاديًا وصحيًا جسيمًا.
الإجراءات التي تتخذها فرنسا لضمان أمن الفضاء الإلكتروني
تُطبّق الإجراءات التي تتخذها فرنسا على الصعيد الوطني والأوروبي والدولي على حدّ سواء. وهي تسعى، بصفتها عضوًا في الاتحاد الأوروبي وبلدًا رائدًا في هذا المجال، إلى تشجيع أنشطة الاتحاد، استنادًا إلى منطق التكاتف والتكامل ومراعاة قدرات الدول في مجال الأمن القومي. كما تسعى إلى إقامة تعاون معزز بين الدول الأعضاء بشأن هذه القضايا من أجل استيعابها والدفاع عن مصالحنا المشتركة على نحو أفضل.
ومن الناحية التشغيلية، يجب الارتقاء إلى أعلى مستويات الاستقلالية الاستراتيجية الممكنة في ثلاثة جوانب مختلفة وهي الجوانب التكنولوجية والنظامية والمعنية ببناء القدرات.
دور فرنسا الرائد على الصعيد الأوروبي
يرتكز النشاط الفرنسي بصورة خاصة على ما يلي:
- مراعاة مسائل أمن الفضاء الإلكتروني مراعاةً فعليةً، ولا سيّما في إطار إعداد الخطة الرقمية الأوروبية للمفوضية الأوروبية الجديدة، لذا لا بد من العمل على تعزيز مكانة الاتحاد الأوروبي على نحو يتوافق ومصالحنا الوطنية على صعيد السوق الداخلية، والتعاون الأمني والقضائي، والعلاقات الخارجية، والأمن والدفاع، وحماية المؤسسات الأوروبية من الهجمات الإلكترونية المحتملة، وذلك من خلال إيلاء أهمية كبيرة لهذه الرهانات.
- تكثيف التعاون بين الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي في حال حدوث أزمة إلكترونية المصدر.
- اعتماد جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي "رزمة من الأدوات" في مجال دبلوماسية الفضاء الإلكتروني والاستعانة بها، إذ إنها تزوّد الدول الأعضاء بمجموعة من الخيارات المتنوعة، تضم نظام جزاءات فردية يُطبّق على الصعيد العالمي ويتيح التصدي للأزمات الإلكترونية على نحو المشترك. وحرصت فرنسا على أن يتّبع الاتحاد الأوروبي نهجًا مستقلًا ومتدرّجًا في هذه العملية، يقوم على احترام القانون الدولي، وعلى الحوار، وعلى مراعاة الولاية السيادية لدوله الأعضاء.
المبادرات التكميلية المتعددة التي تقودها فرنسا على الصعيد الدولي
- اجتمعت في منظمة الأمم المتحدة منذ عام 2004 سلسلة من الأفرقة العاملة، ومن بينها ستة أفرقة تضمّ خبراء حكوميين وفريق عامل متعدد الأعضاء، لتناول قضايا تتعلق بأمن الفضاء الإلكتروني واستقراره. وأكّدت هذه الأفرقة العاملة وجوب تطبيق القانون الدولي على الفضاء الإلكتروني وحددت "معايير سلوكية" تضمن ممارسة الدول "سلوكًا مسؤولًا" في هذا المجال، وذلك من أجل تجنّب أن يصبح الفضاء الإلكتروني مساحة خارجة عن القانون. واعتُمدت نتائج اجتماعات هذه الأفرقة العاملة في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وسيتيح عقد اجتماع لفريق عامل جديد متعدد الأعضاء لفترة 2021-2025 التعمّق في مناقشة هذا الموضوع بالذات.
ومنذ فترة وجيزة، سُلّط الضوء على مساعدة البلدان الأقل تقدمًا لكي تنهض بمستوى أمن الفضاء الإلكتروني لديها، من خلال حماية البنى التحتية الخاصة بالاتصالات أو تدريب العاملين في هذا المجال على سبيل المثال، كما سُلّط الضوء أيضًا على تنمية الحوار وتوطيد التعاون مع الجهات الفاعلة الأخرى من منشآت ومجتمع مدني وغيرها، فهي تسهم أيضًا في ضمان أمن الفضاء الإلكتروني. وتروّج فرنسا بمعية 53 دولة أخرى والاتحاد الأوروبي، وضع برنامج عمل خاص بالأمم المتحدة بشأن الفضاء الإلكتروني، وذلك إسهامًا منها في بلوغ تلك الأهداف.
للاستزادة (الصفحة متوافرة باللغة الإنكليزية)
- يدعو نداء باريس من أجل الثقة والأمن في الفضاء الإلكتروني الذي عُقد في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 جميع الجهات الفاعلة إلى العمل معًا من أجل التصدي للتهديدات الجديدة التي تعرّض حياة المواطنين والبنى التحتية للخطر. وتتمحور هذه المبادرة حول تسعة مبادئ مشتركة تمثل فرصًا لطرح الأفكار واتخاذ الإجراءات المناسبة.
ويمثّل نداء باريس اليوم أوسع مبادرة متعددة الأطراف في مجال أمن الفضاء الإلكتروني، فهي تحظى بدعم أكثر من 1200 جهة داعمة من جميع قارات العالم تنبثق من القطاعَين العام والخاص ومن المجتمع المدني، وتضمّ المبادرة من بين مجمل الجهات الداعمة 80 دولة وأكثر من 700 منشأة وجمعية مهنية وأكثر من 390 منظمة من المجتمع المدني، فضلًا عن مجموعة من السلطات العامة والسلطات المحلية. وتلتزم الجهات الداعمة بالعمل يدًا واحدةً من أجل تنفيذ مبادئ نداء باريس واتّباع سلوك مسؤول في مجال الفضاء الإلكتروني. - يندرج إعلان دينار بشأن المبادرة المتعلقة بمعايير الفضاء الإلكتروني في سياق نداء باريس. وهو يتضمن أيضًا المبادئ والأهداف الأساسية لمبادرة بلدان مجموعة الدول السبع الرامية إلى تنفيذ المعايير والتوصيات المتّفق عليها على مستوى منظمة الأمم المتحدة، وإيجاز الدروس المستقاة والممارسات الجيدة، ووضع أسس آلية التنظيم الذاتي.
- في مؤتمر قمة مجموعة الدول العشرين طرحت فرنسا على الرئاسة اليابانية مسألة أن تتحمّل الجهات الفاعلة في القطاع الخاص مسؤوليتها. وبناءً على هذه المبادرة أقرّ إعلان أوساكا بأهمية تعزيز الأمن في الاقتصاد الرقمي وسدّ بعض الثغرات والتصدي لمكامن الضعف في مجال أمن الفضاء الإلكتروني. وأعلنت الرئاسة السعودية في عام 2020 أن صلابة الفضاء الإلكتروني ستكون أولوية من أولوياتها الخمس.
- يُعقد المنتدى العالمي الخاص بأمن الفضاء الإلكتروني من أجل الازدهار الاقتصادي في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي منذ عام 2018 بتحفيز من فرنسا. ويتيح المنتدى فرصة المضي قدمًا في المواقف التي تدافع عنها فرنسا والتي تتعلق بتحمّل الجهات الفاعلة في القطاع الخاص مسؤولية الأمن والاستقرار في الفضاء الإلكتروني.
- في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، تدور المحادثات منذ عام 2012 ضمن نطاق فريق عامل غير رسمي يضم خبراء من الدول المشاركة. وتنجز هذه المنظمة أعمالًا جبّارة في مجال اتخاذ تدابير الثقة التي تُطبّق في الفضاء الإلكتروني وتنفيذها.
وبموازاة ذلك، تتولى فرنسا:
- إقامة حوارات ثنائية استراتيجية في مجال أمن الفضاء الإلكتروني مع شركائها الأساسيين. وتتيح هذه اللقاءات فرصة تحديد نقاط الالتقاء في وجهات النظر التي يجب إبرازها في إطار المحافل المتعددة الأطراف، وفرصة بناء الثقة عامةً. وتفسح الحوارات أيضًا المجال أمام اتخاذ القرارات المناسبة بشأن تنفيذ برامج التعاون التقني.
- إقامة برامج تعاون ثنائية تديرها الوكالة الوطنية لأمن النظم المعلوماتية، بمعية بعض الشركاء الأجانب، وذلك في سبيل تشاطر الخبرات والممارسات الجيدة بشأن المواضيع التقنية، من قبيل طرائق تحليل التهديدات، أو الشهادات المعلوماتية، أو تسوية المشكلات، أو حماية البنى التحتية الأساسية، أو ضمان أمن الفعاليات الكُبرى. وتقيم وزارة العدل ووزارة الداخلية برامج تعاون ثنائية بين الأجهزة الاستخباراتية أو القضائية تتناول مسائل مكافحة جرائم الفضاء الإلكتروني.
تم تحديث هذه الصفحة في كانون الثاني/يناير 2022
[1] تمثّل صلابة البنى التحتية بالنسبة إلى النُظم الرقمية مجموعة من التدابير الاحترازية التي تتيح مواصلة العمل رغم حدوث عطل أو كارثة أو قرصنة إلكترونية