أنشطة فرنسا في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية (9 كانون الثاني/يناير 2025)
تؤدي فرنسا دورًا أساسيًا في مكافحة الجرائم الإلكترونية. وطوّرت فرنسا مع الاتحاد الأوروبي، سعيًا إلى مكافحة هذه الظاهرة، سياسات عامة عرضية ترمي إلى الوقاية من الجرائم الإلكترونية ومكافحتها عبر تعزيز وسائل الشرطة والقضاء على وجه الخصوص وتنسيق الجهود على الصعيدين الأوروبي والدولي.
الجرائم الإلكترونية، تهديد متصاعد للسلام والأمن الدوليين
تضطلع فرنسا بدورٍ هام على الصعيد الدولي من حيث التصدي لتزايد الجرائم الإلكترونية المثير للقلق. ويترتب على الجرائم الإلكترونية تداعيات وخيمةً على الأفراد والمنشآت على حدٍ سواء. وسجل التقرير بشأن الجرائم الإلكترونية الذي أعدته وزارة الداخلية 278 770 انتهاكًا رقميًا في الفضاء الإلكتروني في عام 2023، أي ارتفاع بنسبة 40 في المائة في فترة 5 سنوات. وتتضاعف التحديات بقدر تطوّر نظام الجرائم الإلكترونية البيئي إلى أن أصبح تهديدًا لا يستهان به. وقدّرت الوكالة الوطنية لأمن النظم المعلوماتية في استعراضها للتهديدات في عام 2023 أنّ نظام الجرائم الإلكترونية البيئي يمثّل أحد أبرز التهديدات الثلاثة على أنظمة المعلومات الفرنسية الأكثر أهمية وعلى النظام البيئي الوطني على نحوٍ منهجي.
وتتزايد انتهاكات هذه الأنشطة الإجرامية للوظائف الحيوية في مجتمعاتنا، على سبيل المثال عندما يصيب فيروس الفدية أجهزة مستشفى ما. ويثير، علاوة على ذلك، التعايش الضمني بين بعض الدول والمجموعات التي تمارس أنشطة إجرامية إلكترونية، احتمال التنسيق فيما بين هذه الجهات بغية زعزعة الاستقرار، بل استعمال الدول إيرادات الجرائم الإلكترونية من أجل تمويل أنشطة أخرى مزعزعة للاستقرار. وأصبحت الجرائم الإلكترونية تمثّل تهديدًا للأمن الوطني، واستطرادًا، قضيةً أمنيةً دوليةً تدعو إلى بلورة حلول جماعية. وقد أكّدت فرنسافي هذا الصدد استعدادها في مناسبة اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن فيروس الفدية في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 للعمل من أجل تحسين مراعاة المسائل المتعلقة بالحيّز الإلكتروني في أعمال الهيئات الفرعية في مجلس الأمن.
التزام فرنسا بالوقاية من الجرائم الإلكترونية ومكافحتها
نسّقت فرنسا مع الاتحاد الأوروبي من أجل مكافحة ظاهرة الجرائم الإلكترونية. وطوّرا سياسات عامةً عرضيةً ترمي إلى الوقاية من الجرائم الإلكترونية ومكافحتها عبر تعزيز وسائل الشرطة والقضاء على وجه الخصوص وتنسيق الجهود على الصعيد الأوروبي. وبينما تعمل البنى التحتية الإجرامية أيضًا على الصعيد الدولي، يمثّل التعاون الدولي في هذا السياق عنصرًا جوهريًا.
ويؤدي الإطار القانوني الدولي دورًا أساسيًا في تيسير تعاون الشرطة والقضاء في المجال الجنائي بين الدول. ويعتمد على الاتفاقية المتعلقة بالجريمة الإلكترونية لعام 2001 التي يطلق عليها اسم "اتفاقية بودابست". وأجرت الأمم المتحدة في عام 2024 اتفاقية جديدة من أجل مكافحة الجرائم الإلكترونية. ويمثّل هذا الصكّ الجديد أداةً ناجعةً من أجل مساعدة الدول في مكافحة الجرائم الإلكترونية، عبر تعزيز آلياتها التشريعية الوطنية والتعاون الدولي. وأفضت المفاوضات إلى توازن بين وسائل العمل الحديثة التي أتاحتها الاتفاقية والضمانات الضرورية في مجال الإجراءات واحترام حقوق الإنسان المترتبة عليها. وستواصل فرنسا في إطار تنفيذ هذا الصك الحديث يقظتها على وجه الخصوص من أجل الوقاية من استعمال الحكوميين المستبدين هذه الاتفاقية على نحوٍ تعسفي. وتتيح هذه الصكوك تيسير عمل خدمات الاستقصاء وتحسين فعالية التعاون الدولي.
فرنسا تمثّل جهةً أساسيةً في التعاون الدولي ضد الجرائم الإلكترونية
تزامنًا مع اعتراف الأمم المتحدة تدريجيًا بأنّ تعزيز القدرات يمثل عنصرًا جوهريًا بغية تنفيذ اطر الأنظمة الدولية، تساهم فرنسا في النهوض بمستوى الصمود في الحيز الإلكتروني الدولي عبر إبرام علاقات تعاون هيكلية في مجال قضايا الحيّز الإلكتروني. وتبني فرنسا نهجها على وجه الخصوص على حشد طاقات الخبراء الفنيين الدوليين وتطوير المراكز الإقليمية تمهيدًا لربط الدول المستفيدة بحوكمتها. وساهمت فرنسا في استحداث المدرسة الوطنية للحيز الإلكتروني وأنشطتها على نطاق إقليمي في دكار منذ عام 2021 ومركز بناء القدرات في الحيز الإلكتروني في منطقة البلقان الغربية وبودغوريتسا منذ عام 2023.
وتعتزم فرنسا العمل مع شركائها الدوليين والقطاع الخاص والمجتمع المدني من أجل التصدي لآفة الجرائم الإلكترونية التي تهدد أسس اقتصاداتنا ومجتمعاتنا والسلام والأمن الدوليين. وستواصل فرنسا من اجل ذلك ترويج تنمية إطار تعاون دولي فعال يراعي الحياة الخاصة ويحمي الحريات الأساسية.