موقف فرنسا من كوريا الشمالية

حصة

إن قيام كوريا الشمالية بتطوير برامج نووية وتسيارية يهدد الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين وينتهك القانون الدولي. ففي ظلّ هذه الأزمة، أيّدت فرنسا وشركاؤها اعتماد جزاءات ضد كوريا الشمالية لكي تردعها عن مواصلة تطوير برامج أسلحة الدمار الشامل ولكي تدعوها إلى العودة إلى طاولة المفاوضات بغية التخلّص من نشاطها النووي على نحو كامل ومحقق ولا رجعة فيه.

كوريا الشمالية طوّرت برنامجًا غير شرعي للأسلحة النووية

انضمت كوريا الشمالية إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في عام 1985. وخلافًا لما تنص عليه المعاهدة، طوّرت برنامجًا نوويًا عسكريًا، ثم أعلنت رغبتها في الانسحاب من تلك المعاهدة. وقامت كوريا الشمالية بست تجارب نووية بين عامَي 2006 و2017، فهي البلد الوحيد في العالم الذي قام بتجارب نووية في القرن الحادي والعشرين. وفي الوقت عينه، واصلت تنفيذ برنامج ضخم للصواريخ التسيارية وطوّرت صواريخ بعيدة المدى.
ويمثّل تطوير برامج أسلحة الدمار الشامل انتهاكًا للنظام الدولي لمكافحة انتشار الأسلحة النووية الذي تمثّل المعاهدة ركيزة من ركائزه، وكذلك لقرارات مجلس الأمن. لذا فهو يزعزع الأمن الدولي برمته.
وأدانت فرنسا بأشد العبارات، على غرار شركائها، مواصلة كوريا الشمالية برامج أسلحة الدمار الشامل التي تمثّل تهديدًا خطيرًا للسلام والأمن الإقليميين والدوليين. وهي تمثّل أيضًا تهديدًا مباشرًا وغير مباشر لفرنسا وأوروبا بالتحديد، فمن جهة، يصل مدى بعض صواريخ كوريا الشمالية إلى الأراضي الفرنسية والأوروبية، ومن جهة أخرى، فإن كوريا الشمالية تنقل القدرات والتكنولوجيات المحفّزة لانتشار الأسلحة النووية إلى دول أخرى.

المجتمع الدولي اعتمد نظام جزاءات هام، ردًا على أنشطة كوريا الشمالية

أيّدت فرنسا، بصفتها دولةً دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اعتماد قرارات تنصّ على فرض جزاءات على نظام كوريا الشمالية. وتهدف هذه القرارات إلى وقف هذه البرامج غير الشرعية وحضّ سلطات كوريا الشمالية على المشاركة في طاولة المفاوضات، ولا سيما من خلال كبح مواردها. وتنصّ هذه الجزاءات بالأخص على الحظر الكامل للمتاجرة بجميع أنواع الأسلحة مع كوريا الشمالية، فضلًا عن منع استيراد بعض المنتجات منها كالفحم والحديد والمعادن وغيرها ومنع تصدير منتجات أخرى إليها كسلع الترف مثلًا. وفُرضت الجزاءات أيضًا على عدّة كيانات وأشخاص مرتبطين ببرامج أسلحة الدمار الشامل، من قبيل تجميد أصولهم ومنعهم من السفر.
واعتمد الاتحاد الأوروبي كذلك نظام جزاءات مستقل يتضمن تدابير إضافية.
ويمثّل تنفيذ هذه الجزاءات تنفيذًا كاملًا وفعليًا أولوية بالنسبة إلى فرنسا وشركائها، في ظل عدم مضي كوريا الشمالية قدمًا نحو التخلّص من نشاطها النووي على نحو كامل ومحقق ولا رجعة فيه. وتُظهر الأعمال، التي يجريها فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمعني بكوريا الشمالية والتي تحرص عليها فرنسا، أن كوريا الشمالية تتّبع استراتيجيات متعددة من أجل التحايل على تنفيذ الجزاءات. وتُعقدُ محادثات منتظمة من أجل تعزيز تنفيذ مختلف مكونات نظام الجزاءات، على سبيل المثال في إطار مجموعة الدول السبع التي اجتمعت في باريس في آذار/مارس 2019.
وتحرص فرنسا وشركاؤها على إذكاء الوعي لدى البلدان التي قد تكون عرضة لمحاولات كوريا الشمالية الرامية إلى التحايل على تنفيذ الجزاءات، كما تحرص على التأكد من أن المنشآت الفرنسية قد اطّلعت على نُظُم الجزاءات وتطبّقها. ونشرت فرنسا أيضًا وسائل للمراقبة البحرية في المنطقة من أجل تعقّب انتهاك تنفيذ الجزاءات في البحر ومنعه، من قبيل نقل النفط من سفينة إلى أخرى، وهو أمر محظور بموجب القرارات.

وجوب مضي كوريا الشمالية قدمًا نحو التخلص من نشاطها النووي على نحو كامل ومحقق ولا رجعة فيه

تدعم فرنسا وشركاؤها مساعي البحث عن حلّ سياسي، وقدمت دعمها أيضًا لاستهلال حوار بين الكوريتين في مطلع عام 2018 ومحادثات بين الرئيسَين الأمريكي والكوري الشمالي في مؤتمر قمة سنغافورة في حزيران/يونيو 2018 ومؤتمر قمة هانوي في شباط/فبراير 2019. وأسهمت هذه المفاوضات في تهدئة التوترات في شمال شرق آسيا، مما لقي ترحيبًا عارمًا. ومن شأن هذه المفوضات أن تضع حدًا لاستفزازات كوريا الشمالية وأن تمهّد الطريق أمام تخلّصها من برامجها النووية والتسيارية ومن برامج أسلحة الدمار الشامل البيولوجية والكيميائية الأخرى على نحو "كامل ومحقق ولا رجعة فيه".
وفي بيان حظي بتأييد 69 شريكًا أكّدت فرنسا مجددًا، إبّان اجتماع اللجنة التحضيرية لمؤتمر الأطراف الاستعراضي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (نيسان/أبريل وأيار/مايو 2019)، ضرورة "أن تحوّل كوريا الشمالية أقوالها إلى أفعال وأن تتخذ تدابير عملية من أجل التخلّص من جميع أسلحتها النووية وصواريخها التسيارية وبرامجها في هذا المجال على نحو كامل ومحقق ولا رجعة فيه".
وتحرص فرنسا حرصًا شديدًا على إمكانية أن يتحقق الخبراء الدوليون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية مثلًا من التدابير التي تتخذها كوريا الشمالية، بغية التأكّد من فعاليتها ومن استحالة الرجوع فيها.
وحتى الآن لم يتراجع التهديد الناتج عن البرامج النووية والتسيارية لكوريا الشمالية، لأنها لم تتخلّص بعد من هذه البرامج ولم تعدّلها. لذا يتعيّن على المجتمع الدولي أن يبقى متّحدًا وصارمًا ومتيقّظًا في ظل عدم إحراز كوريا الشمالية أي تقدّم في هذا المجال.

تطلّع فرنسا إلى قيام نظام كوريا الشمالية بخطوات عملية تُظهر رغبته الحقيقية في الشروع في عملية تفكيك برنامجه النووي والتسياري على نحو كامل ومحقق ولا رجعة فيه. وفي انتظار هذه الخطوات، يجب أن يترافق الحوار مع تطبيق صارم للجزاءات التي فرضها مجلس الأمن.
(إيمانويل ماكرون)

وعرضت فرنسا تقديم دعمها وخبرتها للعملية المستقبلية الرامية إلى التخلّص من الأنشطة النووية. وتُعدُّ فرنسا، بفضل خبرتها في تفكيك بعض المنشآت النووية، ولا سيّما مواقع التجارب النووية وبعض المفاعلات، وبصفتها دولةً ذات قدرات نووية، مساهمًا هامًا في هذه العملية من منظور الخبرة التقنية.

تم تحديث الصفحة: يوليو 2019