مكافحة الجريمة المنظمة

حصة

أولوية من أولويات فرنسا

تشمل الجريمة المنظمة على الصعيد الدولي جميع أنواع الاتجار، كالاتجار بالأشخاص والمخدرات والأسلحة والعربات المسروقة والحيوانات والنباتات البرية، وما ينتج عن ذلك من فساد وغسل أموال. وازدادت هذه الجريمة على نحو ملحوظ مع نمو حركة تنقّل الأشخاص والسلع ورؤوس الأموال، وهي تواكب التطوّرات التقنية وباتت تعتمد على التكنولوجيات الحديثة لإعادة تدوير الأموال القذرة، أو لصقل أنشطتها التقليدية أو لاستحداث أنشطة جديدة من قبيل جرائم الفضاء الإلكتروني على سبيل المثال.

ولا بدّ وأن نذكر جرائم الفضاء الإلكتروني والجرائم البيئية من بين أنواع الجرائم المستجدّة.
وأصبحت تحتلّ الجرائم البيئية المرتبة الرابعة في قائمة الجرائم الأكثر ربحًا في العالم. وبات من الملحّ الاعتراف بها على اختلاف أنواعها، على أنها نوعٌ من أنواع الجريمة المنظمة وفق التعريف الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، ويشمل هذا النوع من الجرائم، الاتجار بالحيوانات، واستغلال الغابات أو المناجم، وصيد الأسماك غير الشرعي، والتجارة غير الشرعية بالنفايات، وغيرها. وسيتيح ذلك تعزيز قدراتنا العملية على الصعيد الوطني والتعاون الدولي مع بلدان المنشأ والعبور والمقصد.


وقامت فرنسا بتعزيز إمكانياتها الوطنية لمكافحة الجريمة المنظمة على قدر كبير،
سواء من جهة الآليات القضائية أو من جهة التنسيق بين مؤسسات الدولة، كالشرطة والقضاء والشؤون الخارجية والاقتصاد والمالية والدفاع.

بيد أن مكافحة الجريمة المنظمة تمثّل تحديًا للمجتمع الدولي برمته. ويمثل هذا النوع من الجريمة إلى جانب الإرهاب الذي تسهم في تمويله، أكثر التهديدات غير العسكرية للأمن والاستقرار الاقتصادي خطورةً في العالم. ويمثّل الاتجار بالأشخاص انتهاكًا فادحًا لحقوق الإنسان من جهة أخرى.

وبما أن المجرمين يتجاهلون الحدود، يستدعي التصدّي لهم اتّباع نهج عالمي لمكافحة الجريمة المنظمة وتعزيز التعاون الدولي ولا سيّما على المستوى القضائي والجزائي. لهذا السبب، تؤدي فرنسا دورًا فاعلًا في المحافل المتعددة الأطراف لمكافحة الجريمة المنظمة، مع الحرص على اتّساقها وجدواها. وتعمل أيضًا على تعزيز تعاونها الثنائي مع مختلف البلدان في مجال الأمن الداخلي.

ماهية الجريمة المنظمة؟

تُعدُّ الجريمة منظمة عندما ترتكبها "جماعة ذات هيكل تنظيمي تأسست على مرّ الزمن وتعمل بصورة متضافرة لارتكاب الجرائم بغية الحصول على منفعة مالية أو منفعة مادية"، وفق تعريفَي الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وتعرّف الجريمة المنظمة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، التي تُعرف باسم "اتفاقية باليرمو" والتي تضمّ 189 دولة طرف، على أنها جميع "الجرائم ذات الطابع عبر الوطني التي ترتكبها جماعة ذات هيكل تنظيمي […] من أجل الحصول على منفعة مالية أو منفعة مادية، وهي جرائم في غاية الخطورة ويُعاقب عليها بالحبس لمدة لا تقلّ عن أربع سنوات".

الإجراءات المتّخذة في الاتحاد الأوروبي

يلتزم الاتحاد الأوروبي بانتهاج سياسة طوعية في مكافحة الجريمة المنظمة.
وتطبّق هذه السياسة في خلال الدورة السياسية للفترة بين عامي 2018 و2021 لمكافحة الجريمة المنظمة الدولية. وتتيح تعزيز التعاون بين الكيانات المختصّة لدى الدول الأعضاء وبين مؤسسات الاتحاد الأوروبي ووكالاته ومع البلدان والمنظمات الأخرى والقطاع الخاص. وتتمثّل أهدافها الرئيسة فيما يلي:

  • مكافحة جرائم الفضاء الإلكتروني ولا سيّما الهجمات على نظم المعلومات، والاتجار بالأطفال لأغراض الاستغلال الجنسي، والتزوير ووسائل الدفع غير النقدي،
  • مكافحة الاتجار بالمخدرات ولا سيّما من خلال عرقلة نشاط مرتكبي الجريمة المنظمة، ومن خلال إضعاف الشبكات المتورطة في الاتجار بالمخدرات وتوزيعها، وكذلك من خلال التصدي لإنتاج المخدرات الاصطناعية والمؤثرات النفسية الجديدة،
  • مكافحة تهريب المهاجرين من خلال محاربة المجموعات الإجرامية التي تسهّل الهجرة غير الشرعية،
  • أعمال السرقة والسطو المنظمة التي تقوم بها منظمات إجرامية كثيرة التنقّل تنفّذ أعمال سرقة وسطو في الاتحاد الأوروبي.
  • مكافحة الاتجار بالأشخاص،
  • مكافحة الصلات بين الاتجار والتهرّب الضريبي، ولا سيّما تهريب البضائع الخاضعة للضرائب، على غرار التبغ أو الكحول أو التهرّب من دفع الضريبة على القيمة المضافة،
  • مكافحة الاتجار بالأسلحة النارية،
  • مكافحة الجرائم البيئية، وخاصة الاتجار بالحيوانات البريّة والاتجار غير الشرعي بالنفايات،
  • مكافحة غسل الأموال، من خلال استهداف عمليات غسل الأموال التي تنفّذ بصورة خاصة بواسطة أساليب دفع جديدة،
  • تزوير الوثائق، ولا سيّما إصدار الأوراق المزوّرة.

مكتب الشرطة الأوروبية يندرج في صلب الآلية الأوروبية

أنشئ مكتب الشرطة الأوروبية (يوروبول) في عام 1999 بغية تيسير تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء، وإجراء التحاليل الجنائية، وتقييم مستوى التهديدات، وهو يندرج في صلب آلية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وذلك إلى جانب وحدة التعاون القضائي التابعة للاتحاد الأوروبي (يوروجوست). وتشارك فرنسا على نحو فاعل في النهوض باليوروبول الوحدة أيضًا.

أنشطة فرنسا في الأمم المتحدة ومجموعة الدول السبع

اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية

تضطلع فرنسا بدور جوهري في مختلف المحافل الدولية المختصة وفي طليعتها الأمم المتحدة. وأدّت دورًا فاعلًا للغاية في المفاوضات بشأن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي وُقّعت في عام 2000.

ويتمثل التجديد الذي قدّمته الاتفاقية في النقاط الثلاث التالية:

  • صياغة تعريفات عالمية لبعض المفاهيم الأساسية في القانون الجنائي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة، مثل الجماعة الإجرامية المنظمة والجريمة الخطيرة وعائدات الجرائم وغيرها،
  • تقريب التشريعات الجنائية، من خلال إلزام الدول بالتجريم الجنائي للمشاركة في جماعة إجرامية منظمة، وغسل الأموال، وعرقلة حسن سير العدالة، والفساد، في تشريعاتها الوطنية.
  • تعزيز التعاون القضائي الدولي عبر وضع إجراءات للمساعدة القانونية المتبادلة وتسليم المجرمين في إطار عالمي. وتنص الاتفاقية على أحكام محدّدة من أجل اقتفاء أثر الأموال القذرة وضبط الأصول الجنائية ومصادرتها.

وأُلحق بالاتفاقية ثلاثة بروتوكولات إضافية، وهي صكوك جزائية في المقام الأول:

  • بروتوكول مكافحة الاتجار بالأشخاص يلزم الدول بإدراج جرائم تتيح ملاحقة الجماعات الإجرامية المنظمة التي تتاجر بالأشخاص، في تشريعاتها الجنائية. ويتضمن البروتوكول تعريفًا واسعًا للاتجار بالأشخاص يشمل الاستغلال الجنسي، والسخرة، والرق، والاستعباد، ونزع الأعضاء،
  • بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو يلزم الدول بملاحقة المهرِّبين الذين يدبّرون الدخول غير المشروع للمهاجرين، ومن يساعد المهاجرين في الإقامة بصورة غير مشروعة في أراضي الدولة المضيفة،
    ويتضمن هذان البروتوكولان إلزام الدول بإعادة رعاياها والمقيمين الدائمين فيها، الذين وقعوا ضحية الاتجار بالأشخاص أو تهريب المهاجرين.
  • بروتوكول مكافحة الاتجار بالأسلحة النارية ينص على أحكام مماثلة لأحكام بروتوكولي مكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين.

وتُنفّذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية عبر مؤتمرات الدول الأطراف. وبعد مضي أكثر من عشر سنوات من المفاوضات، قررت الدول الأطراف في عام 2018 اتباع آلية استعراض للاتفاقية ولبروتوكولاتها الثلاثة. وستتجسد الآلية في استعراض الأقران يشمل المجتمع المدني بغية صياغة ممارسات جيدة.

اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد

تضع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي وقعت في ميريدا في كانون الأول/ديسمبر 2003، أول مرة في القانون الدولي، مبدأ استرداد العائدات المتأتية من جريمتي اختلاس الأموال العامة وغسلها. ويقوم تنفيذ الاتفاقية على مؤتمر الدول الأطراف تمامًا مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية. وتشارك فرنسا، التي صدّقت على هذا النص في عام 2007، بصورة فعالة في جميع عمليات التفاوض من أجل صياغة معايير جنائية دولية، سواء أكانت بصيغة توصيات أم قرارات أم صكوك ملزمة أكثر.

فريق ليون-روما لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب التابع لمجموعة الدول السبع

يتمثل فريق ليون-روما في فريق عمل تابع لمجموعة الدول السبع مخصص لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوطنية. ويضم الفريق وفود وخبراء من مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي ومنظمات دولية مثل المنظمة الدولية للشرطة الجنائية ومنظمة الأمم المتحدة وغيرها، ومن بلدان تُدعى إلى المشاركة بصورة محددة.

ويتيح هذا المحفل المخصص للتفكّر وتبادل الخبرات تحضير أعمال مؤتمرات القمم واجتماعات مجموعة الدول السبع الوزارية، ولا سيّما تلك التي تعقد في سياق مكافحة الجريمة المنظمة، التي تشمل جرائم الفضاء الإلكتروني والمخدرات والاتجار بالأشخاص، وما إلى ذلك.

وسلّطت فرنسا بمناسبة ترؤسها مجموعة الدول السبع في عام 2019 الضوء على مكافحة الجرائم البيئية ومكافحة مهربي المهاجرين.

تطوير التعاون الدولي

أنشئت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) في عام 1923، ويقع مقرّها في مدينة ليون الفرنسية. وتملك الإنتربول قنوات عالمية مأمونة للاتصالات الشرطية وقواعد بيانات تشغيلية، وتقدّم الدعم العملي والتدريب لدوائر الشرطة. وتوفر المنظمة كذلك تدريب وفرق عمل بغية التبادل بشأن التحرّيات وإجراء التحليلات الإجرامية وإنشاء الإحصائيات.

وتمنح فرنسا الأولوية للأنشطة ذات الصلة بالأمن الداخلي لفرنسا، من خلال مهاجمة الشبكات الإجرامية من جذورها أو في بلدان العبور، وتضطلع دائرة التعاون الفني الدولي للشرطة التابعة لإدارة التعاون الدولي في وزارة الداخلية بهذه الأنشطة، وهي تعتبر من أكبر الدوائر في العالم.

وتبرم فرنسا العديد من الاتفاقات الثنائية للأمن الداخلي كل عام، التي يكملها التعاون المتعدد الأطراف، إذ تعمد فرنسا إلى الانضمام إلى المزيد من المبادرات شبه الإقليمية والإقليمية والعالمية باستمرار.

للاستزادة:

تموز/ يوليو 2019

روابط هامة