مكافحة الأسلحة الكيميائية

حصة

إنّ الأسلحة الكيميائية نوع من أنواع أسلحة دمار شامل التي تشير إلى المواد الكيميائية السامة ومكوناتها، وإلى الذخائر والأجهزة التي صممت لتنبعث منها هذه المواد الكيميائية، فضلًا عن المعدات المصممة خصيصًا من أجل استخدام هذه الذخائر والمعدات.

بدأ استخدام المواد الكيميائية بوصفها سلاح قتالي أثناء الحرب العالمية الأولى في 22 نيسان/أبريل 1915 في مدينة إيبر البلجيكية، من خلال شن أول هجوم واسع النطاق بغاز الكلور. وأودت الأسلحة الكيميائية بحياة إجمالي 90 ألف شخص بين عامي 1914 و1918.

واستخدم العراق الأسلحة الكيميائية أثناء حربه مع إيران في ثمانينات القرن الماضي، وكذلك ضد سكانه الأكراد في مدينة حلبجة.

وأظهر الهجوم الذي شن بغاز السارين في مترو الأنفاق في طوكيو في عام 1995 كذلك أنّ الحركات والمجموعات غير الحكومية قد تستخدم الأسلحة الكيميائية ضد السكان المدنيين بقصد الإرهاب.

ومثّل الاستخدام المتكرر للأسلحة الكيميائية في سورية، ولا سيما منذ عام 2013، قطيعةً في نظام عدم انتشار هذا النوع من الأسلحة، وهو ما أدى إلى تركيز المناقشات بشأن هذه القضية في المحافل الدولية المخصصة. وأثار هذا الملف ردود فعل جمة في المجتمع الدولي الذي اعتمد تدابير جديدة بغية مكافحة هذه الهجمات وإفلات المسؤولين عنها من العقاب، ولا سيّما في إطار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي علقت فيها بعض الحقوق والامتيازات التي تتمتع بها سورية في 21 نيسان/أبريل 2021 نظرًا إلى المسؤولية السورية في الهجمات التي شنت بالأسلحة الكيميائية في الأراضي السورية مستهدفةً السكان.

واستخدمت الأسلحة الكيميائية كذلك في عام 2017 في ماليزيا في عملية اغتيال كيم جونغ نام، وفي عام 2018 في المملكة المتحدة في محاولة اغتيال سيرغي سكيربال، وفي عام 2020 في روسيا في محاولة اغتيال أليكسي نافالني.

Masques à gaz anciens alignés

ويُعزى سبب سعي المجتمع الدولي إلى حظر الأسلحة الكيميائية في عام 1993 من خلال اتفاقية صارمة بصورة منقطعة النظير إلى بساطة إنتاج هذه الأسلحة، مقارنةً بأنواع أسلحة الدمار الشامل الأخرى، وتنوع الوسائط الممكنة والذكريات الأليمة التي خلفتها تبعات استخدامها.

تندرج مكافحة انتشار الأسلحة الكيميائية واستخدامها مجددًا في أولويات فرنسا، الذي سُجل في الأعوام المنصرمة في كل من سورية والمملكة المتحدة في قضية تسميم سيرغي سكريبال، وفي ماليزيا في قضية اغتيال كيم جونغ نام وفي روسيا ضد أليكسي نافالني.

التزام فرنسا المستدام بهذه القضية

يمثل التزام فرنسا في مكافحة الأسلحة الكيميائية التزامًا عريقًا ومستدامًا.
وأودعت بروتوكول حظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو ما شابهها وللوسائل البكتريولوجية الموقع في جنيف في عام 1925. ورفعت في عام 1996 التحفظات المتعلقة بجواز استخدام الأسلحة الكيميائية في عمليات انتقامية التي كانت قد أدخلتها على البروتوكول عند تصديقها عليه. ودفعت فرنسا، علاوةً على ذلك، إلى استئناف مفاوضات مؤتمر نزع السلاح في عام 1989، التي أفضت إلى توقيع اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في باريس في 15 كانون الثاني/يناير 1993.

اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية تمثل صكًا فريدًا ومتميزًا لحظر الأسلحة الكيميائية حظرًا كاملًا

تنفرد اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي وقّعت في باريس في عام 1993 بوصفها الاتفاقية الوحيدة التي تنظم عملية القضاء التام على فئة كاملة من أسلحة الدمار الشامل وتضع نظام تحقق ملزم في آن معًا. ودخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ في عام 1997 وتتيح مكافحة جميع جوانب المخاطر الكيميائية.
وترغب فرنسا في أن تُنفذ هذه الاتفاقية على صعيد عالمي وإن لم تصدق عليها حتى الآن أربع دول فحسب، وذلك لأنّ عددًا قليلاً جدًا من الدول الأطراف قد أدرج جميع أحكام اتفاقية الأسلحة الكيميائية في تشريعاته الوطنية.

صدقت فرنسا على الاتفاقية في عام 1995 وتمتثل لالتزاماتها على نحو كامل من خلال ما يلي:

  • إدراج أحكام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في التشريعات الفرنسية،
  • استضافة اثنتي عشرة عملية تفتيش تضطلع بها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كل عام على الأراضي الفرنسية،
  • استهلال تنفيذ برنامج موقع القضاء على شحنات الأجسام القديمة العهد (SECIOA) في عام 2016 الرامي إلى تدمير قرابة العشرين طنًا من الذخائر الكيميائية القديمة التي خلفتها الحرب العالمية الأولى والتي تُكتشف في الأراضي الوطنية كل عام.

نظام التحقق المنصوص عليه في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية

تحرص منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي أنشئت بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية على امتثال الدول الأطراف لالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاقية. ويتبلور التزام فرنسا بمكافحة الأسلحة الكيميائية بالفعل في تعاونها المتميز مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على الصعيدين المؤسساتي والتنفيذي على حد سواء. وتتجسد السياسة التي تنتهجها فرنسا في إطار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في العمل المتزامن الرامي إلى نزع السلاح من خلال تدمير الأسلحة الكيميائية الموجودة ومكافحة انتشارها. ولن يضمن بالفعل منع استخدام الأسلحة الكيميائية مجددًا بعد إنجاز عملية نزع الأسلحة الكيميائية على نحو تام إلا تعزيز نظام التحقق.

وتضطلع فرنسا بدور فاعل في المنظمة في متابعة المسائل الصناعية، وتدابير الحماية والمساعدة، وتطوير استخدام الكيميا استخدامًا سلميًا على الصعيدين الاقتصادي والتقني.

وتعقد فرنسا العزم على الاستثمار في مستقبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي ما تزال تعد خبرتها عنصرًا أساسيًا بغية منع استخدام الأسلحة الكيميائية مجددًا، وذلك فور الانتهاء في عام 2023 من تدمير مخزون الأسلحة الكيميائية الذي صُرّح به. وتدعم مشروع مركز الكيمياء والتكنولوجيا المقبل، واستهل تشييد المركز في لاهاي في خريف عام 2021، الذي قد يصبح وديعة معرفية عالمية في هذا الموضوع ومنصة، من أجل التدريب والتعاون الدولي بغية استتباب الأمن الجماعي. ومنحت مساهمة طوعية بلغت قيمتها 1،4 مليون يورو إلى الصندوق المكرّس لهذا المركز الجديد.

الأنشطة المستمرة

تشارك فرنسا مشاركةً فاعلةً في تعزيز الضوابط المفروضة على تصدير السلع ذات الاستخدام المزدوج ألا وهو الاستخدام المدني والعسكري على حد سواء، في إطار الاتحاد الأوروبي وعلى الصعيد العالمي (فريق أستراليا).

وتسخّر فرنسا، في موازاة ذلك، جميع السبل الكفيلة بحمايتها من عواقب هجوم كيميائي من خلال العمل على اتخاذ تدابير وقائية ضد هذه الأسلحة وآثارها، بغية ضمان الحماية الجسدية والطبية للسكان والقوات المسلحة.

واستهلت في كانون الثاني/يناير 2018 في باريس الشراكة الدولية من أجل مكافحة إفلات مستخدمي الأسلحة الكيميائية من العقاب وتضطلع برئاستها.

وساهمت فرنسا طواعية في عام 2021 بمبلغ يناهز ملياري يورو دعمًا منها لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في مجالات مختلفة على غرار الأنشطة المتعلقة بسورية وأمن الفضاء الإلكتروني وأنشطة النهوض بالقدرات في أفريقيا.

الشراكة الدولية من أجل مكافحة إفلات مستخدمي الأسلحة الكيميائية من العقاب

يجب ألا نستهين بخطورة استخدام هذه الأسلحة، وألا نشكك في ضرورة حظرها، وتتسم حماية البنية الدولية للسلام والأمن بأهمية، وهو ما دفع فرنسا إلى استهلال الشراكة الدولية من أجل مكافحة إفلات مستخدمي الأسلحة الكيميائية من العقاب في بداية عام 2018. وترمي هذه الشراكة، التي تضم 40 دولةً فضلًا عن الاتحاد الأوروبي، إلى مكافحة إفلات جميع الجهات المتورطة في انتشار الأسلحة الكيميائية واستخدامها من العقاب.
وتتمثل الشراكة في رابطة طوعية تتكون من دول تصبو إلى إدانة المتورطين في تطوير الأسلحة الكيميائية أو استخدامها وتسهيل محاكمتهم.

وتتمثل إحدى وسائل عمل الشراكة في وضع قائمة سوداء بالكيانات والأفراد الذين تبين تورطهم في حالات استخدام أسلحة كيميائية ومواد سامة، أو مساهمتهم في تطوير برامج كيميائية أو فرضت عليهم جزاءات.

ويجتمع أعضاء الشراكة ويبدون آرائهم في مناسبات عديدة ومنها ما يلي:

  • نظمت فرنسا بالاشتراك مع الولايات المتحدة الأمريكية تمرين باسم "عاصفة العدالة" (Storm Justice) يرمي إلى تسليط الضوء على أفضل الممارسات التي ينبغي اعتمادها من خلال محاكاة حالة هجوم إرهابي باستخدام أسلحة كيميائية، وذلك في حزيران/يونيو 2019، وقبل اجتماع الخبراء الذي عُقد في تشرين الثاني/نوفمبر 2019. وركّز التمرين على وسائل التحقيق والمقاضاة والتنسيق بين الدول بوجه خاص.
  • ونظمت فرنسا اجتماع خبراء ثالث في باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، ركّز على جانب المعالجة القضائية والجزاءات الإدارية المرتبطة بالقدرات الجديدة التي تم إنشاؤها في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من أجل تحديد هوية الجهات التي استخدمت الأسلحة الكيميائية في سورية (القرار الصادر عن المؤتمر الاستثنائي للدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية الذي عقد في حزيران/يونيو 2018).
    وأفضت أعمال هذا الاجتماع إلى إصدار وثيقة توجيهية تتوفر بالفرنسية والإنجليزية والإسبانية على الموقع الإلكتروني للشراكة الدولية من أجل مكافحة إفلات مستخدمي الأسلحة الكيميائية من العقاب، وتستعرض هذه الأدوات القانونية وتلخصها وتساعد الدول المتطوعة في تنفيذها.
  • ونشرت الشراكة في نيسان/أبريل 2020 بيانًا بعد التقرير الأول الذي أصدره الفريق المعني بالتحقيق وبالكشف عن هوية مستخدمي الأسلحة الكيميائية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذي نشر في 8 نيسان/أبريل 2020 بشأن ثلاث هجمات كيميائية ارتكبت في بلدة اللطامنة في سورية في آذار/مارس 2017، وُيبرز مسؤولية النظام السوري عنها.
  • ونشرت الشراكة في أيار/مايو 2021 بيانًا ثانيًا تلى التقرير الثاني الذي نشره الفريق المعني بالتحقيق وبالكشف عن هوية مستخدمي الأسلحة الكيميائية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في 12 نيسان/أبريل 2021، بشأن هجمة كيميائية ارتكبت في بلدة سراقب في سورية في شباط/فبراير 2018، وُيبرز مجددًا مسؤولية النظام السوري عنها.

للاستزادة بشأن آخر أخبار الشراكة الدولية من أجل مكافحة إفلات مستخدمي الأسلحة الكيميائية من العقاب، يرجى الاطّلاع على قسم الأخبار المتوفر بالإنجليزية في الموقع الإلكتروني.

للاستزادة بشأن مكافحة إفلات مستخدمي الأسلحة الكيميائية من العقاب: اطّلع على المقال بالعنوان التالي: "مكافحة الإفلات من العقاب، شرط أساسي لإحلال السلام في سورية".

نزع السلاح وعدم الانتشار الكيميائي والبيولوجي في العالم

Carte du désarmement et de la non-prolifération chimique et biologique dans le monde au 3 décembre 2019 {PDF}

تم تحديث هذه الصفحة في: آذار/مارس 2022

روابط هامة