لبنان - مشاركة السيد جان إيف لودريان في استهلال عملية "سفينة المساعدات الإنسانية لفائدة لبنان"

حصة

توجّه وزير أوروبا والشؤون الخارجية السيد جان إيف لودريان إلى مارسيليا يوم أمس للمشاركة في استهلال عمليّة "سفينة المساعدة الإنسانية لفائدة لبنان" في إطار الجسر الجوي والبحري الذي أقامته فرنسا في أعقاب الانفجارات التي هزّت بيروت في 4 آب/أغسطس الماضي.

وأبحرت إلى بيروت سفينة أكنول التي استأجرتها مجموعة سي إم آ-سي جي إم. وفي إطار الشراكة بين مجموعة سي إم آ-سي جي إم ومركز الأزمات والمساندة التابع لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية، تبحر السفينة حاملةً شحنة تبرّعات إنسانية لصالح الشعب اللبناني تقدّمها الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص وهي وزارة أوروبا والشؤون الخارجية ووزارة التضامن والصحة والسلطات المحلية والإقليمية ومجلس المديرين العامين لمراكز المستشفيات الجامعية في فرنسا ومنظمات غير حكومية وطنية ودولية وجمعيّات ووكالات تابعة للأمم المتحدة ومنشآت.

وتحمل سفينة أكنول أكثر من 2500 طن من المواد اللازمة لإعادة الإعمار ومن المواد الغذائية الأساسية ومستلزمات النظافة ومركبات الطوارئ ومستلزمات طبية من شأنها الإسهام في مكافحة جائحة فيروس كورونا ورعاية الجرحى والمرضى في مستشفيات بيروت.

وبمجرّد وصول السفينة إلى بيروت، ستدعم وزارة أوروبا والشؤون الخارجية، من خلال مركز الأزمات والمساندة والسفارة الفرنسية في لبنان، تفريغ هذه المساعدات وستكفل تقديم التبرّعات إلى المستفيدين المحدّدين، لا سيّما مستشفيات بيروت والصليب الأحمر اللبناني والعديد من الجمعيات المحلية التي تشارك في التصدي لحالة الطوارئ لصالح الشعب اللبناني.

Opération « Un bateau pour le Liban »

مقتطفات من خطاب وزير أوروبا والشؤون الخارجية بمناسبة إطلاق عملية "سفينة المساعدات الإنسانية لفائدة لبنان" (مارسيليا، 25 آب/أغسطس 2020)

[…]
سيداتي وسادتي،

نستحضر مراراً في هذه الفترة مقولة للجنرال ديغول عندما كان في بيروت في تموز/يوليو 1941، ومفادها أن قلب الشعب اللبناني لطالما دق على نبض القلب الفرنسي.

ويسعني أن أقول اليوم، بعبارة أخرى، أن قلب مارسيليا يدق على نبض قلب اللبنانيين والشعب اللبناني. وبفضل مبادرتكم عزيزتي تانيا، مبادرة مؤسسة سي إم آ-سي جي إم، وبفضل عزمكم أيضاً عزيزي رودولف، وبفضل تعاونكم الصائب بالأخص سيداتي وسادتي كما أشارت السيدة فاسال قبل قليل، ثمة تعاون واسع فيما بين النواب وبين النواب والمنظمات غير الحكومية وبين النواب والمنظمات غير الحكومية والمنشآت من أجل تقديم هذا الدعم الجسدي والمادي والملموس لفائدة الشعب اللبناني.

وأقول "لفائدة الشعب اللبناني" لأننا نحرص ولأنكم تحرصون كل الحرص وسنكون على أتم اليقظة كي تُمنح تلك التبرعات وتلك المساعدات التي ستصل إلى بيروت قريباً لفائدة أشد المحتاجين، وتتولى دوائر السفارة الفرنسية في بيروت مهمة الحرص على أن تصل تلك المساعدات فعلاً إلى وجهتها المقصودة.

وأستغل هذه الفرصة لأعرب عن تقديري، وراء البحر الأبيض المتوسط، لجميع الفرق التابعة لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية الموجودة في عين المكان والمتفانية للغاية، كما أشيد أيضاً سيدي المدير بالإجراءات الفعالة جداً التي اتخذها مركز الأزمات والمساندة إبان هذه الفترة. وكما ترون، فإن مجيئي إلى مارسيليا يتيح لي أيضاً مناسبة سانحة لأهنئ زملائي الموظفين.

ولقد رافقنا، عزيزي رودولف، رئيسَ الجمهورية إلى بيروت قبل بضعة أيام ويعتزم رئيس الجمهورية أن يعود إليها في ظرف وجيز. ولاحظنا جسامة الكارثة التي أسفرت عن مقتل 186 شخصاً وإصابة ستة آلاف آخرين وعن تدمير المستشفيات، كما تسببت في صدمة للسكان إذ لم يعد الناس يعرفون من أين يشرعون في عمليات إعادة الإعمار اللازمة. وباتوا يعلقون تطلعاتهم وآمالهم على فرنسا التي يتعين عليها أن تقف إلى جانب لبنان، كما وقفت دوماً إلى جانبه، لا سيما في الفترات الأصعب. وثمة اليوم حالة إنسانية طارئة فادحة تتجسد في أربعة أنواع من الطوارئ الإضافية.

هناك في المقام الأول حالة من الطوارئ الصحية الفورية ستحلها جزئياً القافلة والسفينة المقرر إرسالها. وهي حالة طارئة نظراً لوجود مصابين كما ذكرت، ناهيك عن الجائحة التي تستفحل بسرعة ملحوظة في هذا القطر الهش، لدرجة أنه أعيدَ فرض الإغلاق التام في لبنان. فهل تتصورون الوضع في ظل الانفجار إضافة إلى إعادة الإغلاق التام؟ لذا، يتعين علينا تقديم دعم معنوي أيضاً من خلال هذه السفينة.

وثمة حالة من الطوارئ في مجال الغذاء يمكن الاستجابة إليها جزئيا بفضل التبرعات التي قدمها البعض منكم، بعض الفاعلين الحاضرين وبعض المنشآت الحاضرة.

وثمة حالة من الطوارئ في مجال التعليم، لأننا أحسسنا بأهمية المسألة حتى إن لم تكن الغاية من سفينة المساعدات الإنسانية لفائدة لبنان. ولعلكم تدركون نظراً إلى وجود الجالية اللبنانية هنا في مارسيليا العلاقات التاريخية بين مارسيليا وبيروت كما ذكّرت بذلك عمدة مارسيليا، ولعلكم تدركون أيضاً أن زهاء نسبة 20 في المائة من الطلاب في المدارس الفرنسية عبر العالم توجد في لبنان. ويعد لبنان عنصراً مهماً في الفرنكوفونية، ولا بد من تجديد التعليم علماً أننا خصصنا في هذا الصدد أرصدة مالية طارئة لتمكين المدارس من استئناف عملها. وبكل بساطة، فإن الأمل ينبعث متى استأنفت المدارس عملها.

ثم هناك حالة من الطوارئ في مجال إعادة الإعمار، فعندما نرى حالة المرفأ والمنازل والمباني المجاورة ومقر مجموعة سي إم آ-سي جي إم الذي يقع على مقربة من المرفأ، ندرك جيداً حجم الجهود التي يلزم بذلها.

لذا، ثمة حالة إنسانية طارئة شاملة تتجسد في حالات الطوارئ التي تشهدها مجالات الصحة والغذاء والتعليم وإعادة الإعمار، ويكمن الرهان الفرنسي في الاستجابة لتلك الحالات. ومساهمتكم يُعتد بها في حل هذه القضية. ولهذا السبب أعرب رئيس الجمهورية عن رغبته، بالشراكة مع الأمم المتحدة، في تنظيم مؤتمر دولي للمانحين بداية آب/أغسطس عقب عودته من بيروت، ومكّن هذا المؤتمر من تعبئة 250 مليون يورو للتمكين من إعادة الإعمار. وتلك حالة الطوارئ الإنسانية.

وعلاوة على ذلك، ثمة أيضاً حالة من الطوارئ السياسية. أقولها هنا أمامكم وأقولها للبنانيين، سيدتي القنصل. ولا ينبغي أن تحجب حالة الطوارئ الإنسانية رغم خطورتها حالة الطوارئ السياسية، كما لا ينبغي أن نقول "علينا أن نقوم بإعادة الإعمار والقيام بذلك كله وأن ننسى الباقي"، فذلك لا يجوز. وفرنسا قلقة إزاء خطورة هذه الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فنصف السكان يعيشون تحت خط الفقر، وثمة نقص في السيولة وأزمة في مجال الطاقة، وهناك تساؤلات عن الطريقة التي يمكن إدارة البلد بها غداً. فهو بلد كان على وشك الوقوع في كارثة قبل حدوث الانفجار. وفي أعقاب الانفجار، لا ينبغي أن ننسى أن هذا الملف كان مطروحاً أصلاً عندئذ على الطاولة رغم جهود المجتمع الدولي ومن ثم يتعين التغلب على تلك الصعوبة للتمكين من تشكيل حكومة ذات المهام المحدّدة نأمل أن تمكّن اللبنانيين من استعادة زمام أمورهم في هذا المنعطف التاريخي.

لقد وددت أن أسلط الضوء على هاتين المسألتين وإنني لمسرور على حد سواء بالتعبئة المشهودة في مارسيليا وبروح التضامن المتجلية وبهذه السفينة التي ستأتيني حتماً المناسبة لرؤيتها في بيروت بعد بضعة أيام عندما سأرافق رئيس الجمهورية إليها مجددا. وكما أعربت السيدة العمدة قبل قليل عن التوق لبزوغ فجر الأمل، أتمنى بدورى أن تحمل هذه السفينة معها بصيص الأمل. وأحيط رئيس منطقة الجنوب علماً بأنني سأحضر مثلما درجت العادة سنوياً منتدى البحر الأبيض المتوسط الذي يدعوني إليه والذي سيتخذ هذا العام نكهة لبنانية من التضامن والأمل على حد سواء.

وشكراً جزيلاً.

مقتطفات من تصريحات وزير أوروبا والشؤون الخارجية للصحافة (مارسيليا، 25 آب/أغسطس 2020)

سؤال - ما انطباعكم وأنتم تشاهدون إبحار السفينة؟

جواب - أرى أن ثمّة حركة تضامن واسعة من مجتمع مارسيليا إزّاء لبنان، وذلك مردّه بلا شكّ جهود مجموعة سي إم آ-سي جي إم وتانيا سعادة ورودولف سعادة، وهو أيضاً ثمرة التعاون الذي أُقيم بين المنظمات غير الحكومية والمنشآت والسلطات المحلّية أكانت المنطقة أو المقاطعة أو المدينة. والحال أن وجود جالية لبنانية في مارسيليا والتاريخ بين مارسيليا وبيروت قد يسّرا هذا التعاون. حتّى أن الكارثة التي وقعت في بيروت قد عاشها الناس هنا في مارسيليا بتأثّر بالغ وعبّروا عن تضامن عاطفيّ لنا أن نتلمّسه في الشهادات التي استمعنا إليها توّاً.

ولذا فإني جئتُ لأظهر الدعم الذي تقدّمه فرنسا لهذه المبادرة: 2500 طن من المواد لقطاع الصحة وقطاع الأغذية ولإعادة تعمير المباني والمساكن. 2500 طن بالإضافة إلى الألف طنّ الذي سبق إرساله عبر جسر جوي حقيقي، أو جسر بحري، بما أنها ثالث سفينة تبحر. لقد أرسلنا من قبل سفينتين عسكريتين ثم ثماني رحلات جوية لنقل البضائع وفي ذلك آية على حرص فرنسا على لبنان ورغبتها في المساهمة قدر الإمكان في فك كرب الشعب اللبناني تدريجياً. ونحرص على أن تصل هذه المساعدات فعلاً إلى وجهتها المقصودة، وأعني بذلك الشعب اللبناني الذي يتكبّد اليوم معاناةً كبيرة.

سؤال - أشرتم قليلاً إلى الرسالة السياسية، أذلك لأن هذه السفينة تخدم أيضاً رسالة فرنسا السياسية؟

جواب - فرنسا لا تتأخر عن لبنان عندما يكون في مأزق. فلم تقصّر فرنسا قط في حق لبنان. ولم يقصّر لبنان قط في حق فرنسا. ولكن اليوم يواجه لبنان حالتين طارئتين. حالة الطوارئ الإنسانية، وتحاول فرنسا -ليست فرنسا وحسب التي تحاول بل المجتمع الدولي- ولكن فرنسا رائدة نظراً إلى عوامل التاريخ، أقول إن فرنسا تحاول التصدي لحالة الطوارئ هذه. وتمثّل هذه السفينة أحد أركان هذه الاستجابة. وسنعود في الأيام المقبلة مع رئيس الجمهورية إلى بيروت لنُعاين وصول السفينة أولاً ثم لنتحقّق من حُسن وصول هذه المساعدات إلى مستحقّيها. وبالتالي هناك حالة طوارئ لا مفر منها. إنه الظرف الحاضر الذي يفرض حالة طوارئ بلا شروط ما يُلزمنا بتعبئة جميع الشركاء والشركاء الأوروبيين أيضاً فالمؤتمر الدولي الذي استهلّه رئيس الجمهورية قبل بضعة أيام أتاح تعبئة 250 مليون يورو لإعادة إعمار لبنان.

وهذا واجب أساسي. ثم علينا أن لا نغفل حالة الطوارئ السياسية وحالة الطوارئ الهيكلية اللتين كانتا قائمتين قبل وقوع الكارثة. ولا يجوز التحجّج بالكارثة كذريعةً لإخفاء هذه الحقيقة التي كانت قائمةً من قبل. لقد زرتُ بيروت في تموز/يوليو الماضي، وأعني بالحقيقة التي كانت قائمةً من قبل هذا البلد الذي يقف على شفير الهاوية. هذا البلد الذي يعيش نصف سكّانه تحت خط الفقر. هذا البلد الذي يغمر اليأس شبابه. هذا البلد الذي قد يستيقظ غداً مفتقراً إلى السيولة النقدية. وهذا البلد الذي لا يقوى على إصلاح نفسه. ولذا نأمل أن تنتهز السلطات اللبنانية والمسؤولون اللبنانيون هذه اللحظة لاتخاذ الخطوات اللازمة لضمان قيام حكومة ذات مهام محدّدة بالشروع في إجراء الإصلاحات الضرورية التي لا تخفى على أحد. فالجميع يعرف منذ سنتين أنه لا بدّ من مراجعة حسابات مصرف لبنان ومن إصلاح نظام المشتريات الحكومية وإصلاح شبكات الإمداد بالكهرباء والأخذ بأساليب إدارة جديدة.

ولا يخفى كل ذلك على أحدٍ، وقد جرت بالفعل مناقشات بين صندوق النقد الدولي والسُلطات اللبنانية بيد أنها لا تحرز تقدّماً. ولذا حان الآن وقت ضمان اتخاذ الخطوات اللازمة. وهذا ما قاله رئيس الجمهورية للقادة السياسيين اللبنانيين قبل بضعة أيام وهذا ما سيكرّره على مسامعهم عندما يتوجّه قريباً إلى لبنان.

سؤال - ألا تشعرون بأن الحكومة ذات المهام المحدّدة التي ذكرتها توّاً تستغرق وقتاً طويلاً لتُشكّل، وأن عقليّة التفكير القديمة تكرّر نفسها، وهل تعتقدون بأن هذه الحكومة ستكون قائمةً في أثناء زيارة السيد ماكرون القادمة؟

جواب - هذا ما نرغب فيه، ولكن المسألة لا تُطرَح لتلبية تطلعات فرنسا، بل لتلبية تطلعات الشعب اللبناني، لأن الشعب اللبناني كان في الشوارع في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أيّ قبل الكارثة بوقت طويل، للاحتجاج ومساءلة المسؤولين السياسيين. وهذا الغضب المبرّر لا يزال قائماً، وبالتالي يجب مراعاة ذلك.

سؤال - هل تتوقّعون الأسوأ بالنسبة لما هو آتٍ؟

جواب - أرى أن هناك استفاقة تُجرى. ونحن مستعدّون لمدّ يد العون. ولكننا لن نحلّ محلّ المسؤولين اللبنانيين.

سؤال - تتوجّهون إلى لبنان قريباً، أتعتقدون أن رسالتكم ورسالة الرئيس قد لقيتا آذاناً صاغية؟ فالوضع كما هو حتى الآن. فما العمل؟

جواب - يقع على عاتق اللبنانيين تحمّل مسؤولياتهم بأنفسهم. فلا يتعيّن علينا أن نتحمّل مسؤولياتهم بالنيابة عنهم. ولكن الجميع يعلم أنه إذا قررت الحكومة ذات المهام المحدّدة التي ستُشكّل إجراء الإصلاحات التي سبق وأشارت إليها الحكومة السابقة - أكرّر: إذا نفّذت هذه الحكومة الإصلاحات، فإن المجتمع الدولي وعلى رأسه فرنسا سيشيدان بهذه الجهود وهذه العزيمة.
[…]