مؤتمر دعم استقرار ليبيا - كلمة السيد جان إيف لودريان وزير أوروبا والشؤون الخارجية (21 تشرين/الأول أكتوبر 2021)

حصة

معالي الوزيرة والوزراء،
السيدة الأمينة العامة والسيد المبعوث الخاص،
سعادة السفراء،
السادة الضباط،
سيداتي وسادتي،

نجتمع اليوم في طرابلس بناءً على دعوتكم معالي السيدة الوزيرة بغية تقييم ما أُحرز من تقدّم خلال الأشهر المنصرمة والمواصلة في هذا السبيل الذي يؤدي إلى إرساء الاستقرار في ليبيا.

وأُحرز تقدم ملحوظ بالفعل على الصعيدين السياسي والأمني منذ زيارتي الأخيرة إلى طرابلس منذ أكثر من 6 أشهر بمعية نظيري الإيطالي السيد لويجي دي مايو الحاضر معنا اليوم ونظيرنا الألماني. واضطلعت السلطات الانتقالية في حكومة الوحدة الوطنية بدورها الكامل في هذا الصدد، وستكتسي مواصلتها العمل على هذا المنوال أهميةً حاسمةً للمراحل المقبلة. ونتحمل، فيما يعنينا، مسؤولية مساعدة الليبيين على بلوغ الأهداف التي حددوها بأنفسهم في إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم في تشرين الأول/أكتوبر 2020 وملتقى الحوار السياسي. وسيتمكن الليبيون، بدعم منا، من اغتنام فرصة تاريخية تتوفر لهم اليوم لإحلال السلام واستعادة سيادة بلدهم وتحقيق الازدهار المشترك.

أما على الصعيد السياسي، فبات إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر عقدها في 24 كانون الأول/ديسمبر بمتناول يد الليبيين إبّان اعتمادهم الأسس القضائية التي يتطلبها تنظيمها، وإبّان التصاريح التي أدلت بها السلطات الليبية اليوم والتي نعتبرها وجيهةً. ولا يغفل المجتمع الدولي عن جهود إلا ويبذلها في هذه المسألة، وهو ما ذكّرنا به خلال الاجتماع الوزاري الذي شاركت فرنسا وألمانيا وإيطاليا في رئاسته في نيويورك في الشهر المنصرم، ولا سيّما أننا نقدّم كذلك كل ما بوسعنا من دعم للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، التي تعكف على وضع الصيغة النهائية للجدول الزمني الذي سيستند إليه تحديد المراحل المقبلة للعملية السياسية. وأشيد في هذا الصدد بعمل رئيس المفوضية السيد عماد السايح الذي يدأب على العمل منذ أشهر وفقًا لخارطة الطريق الليبية التي اعتمدها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بغية تنظيم عملية اقتراع شاملة وشفافة وتتسم بمصداقية. ويمكنه التعويل على دعم كل من الاتحاد الأوروبي الذي يبدي استعداده لدعم عملية الاقتراع إذا ما طلبت منه السلطات الليبية ذلك، ودعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الذي ذكّرت به مساعدة الأمين العام. ويمثل تسجيل قرابة 3 ملايين ليبي أنفسهم في القوائم الانتخابية دلالةً جليةً على رغبة الليبيين في إنجاز العملية الانتقالية في بلدهم. ولا بد لذلك إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وفقًا للجدول الزمني المقرر، واحترام خيار الشعب الليبي عندما يتحقق.

أما على الصعيد الأمني، فكان قد اتفق الليبيون الذين اجتمعوا في إطار اللجنة العسكرية المشتركة 5 زائد 5 على خطة ترمي إلى سحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية. وتجسّد هذه الخطة مجددًا رغبة الليبيين الجلية المتمثلة في تولي زمام أمور بلدهم بعيدًا عن التدخلات الخارجية. وأشيد بالتزامهم بتحقيق ذلك وأعرب عن كامل دعم فرنسا له. وتتوافق تطلعات الليبيين الساعية إلى تحقيق سيادتهم مع المصالح الأمنية في المنطقة بأسرها، من منطقة الساحل إلى أوروبا وشمال أفريقيا.

سيداتي سادتي،
ما يزال، بعد التقدم المحرز الذي ذكرته آنفًا، ينبغي إتمام بعض المراحل بغية إنجاح المرحلة الانتقالية في ليبيا. ويجب أن تدرك جميع الجهات الفاعلة الليبية التي انخرطت من أجل إنجاح العملية الانتقالية السياسية أنّه يمكنها التعويل على دعم شركاء ليبيا الدوليين وعلى وحدة صفوفهم. وسأحرص على ذلك بالتعاون مع نظرائي الأوروبيين.

وسيستضيف رئيس الجمهورية الفرنسية مؤتمرًا دوليًا بشأن ليبيا في باريس في 12 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل لتحقيق ذلك. وسيجمع مؤتمر باريس، الذي سيعقد في صيغة واسعة تضم البلدان المجاورة لليبيا لأول مرة، السلطات الانتقالية الليبية ورؤساء دول وحكومات البلدان التي دُعيت إلى مؤتمري برلين. وسيضفي مؤتمر باريس، الذي سينظم بالتعاون الوثيق مع الأمم المتحدة وستتشارك فرنسا وإيطاليا وألمانيا في رئاسته، الزخم الدولي النهائي الذي يتطلبه دعم عقد الانتخابات في نهاية العام، والإسهام في إرساء ظروف مؤاتية لإجرائها ولاحترام نتائجها. وسيعتمد المؤتمر الخطة الليبية الرامية إلى سحب القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية وسيواكب تنفيذها، بغية إنهاء التدخلات الأجنبية. وسيراعي المؤتمر أخيرًا البعد الإقليمي للأزمة الليبية مراعاةً كاملةً وتداعيتها على جوار ليبيا، وذلك بحضور البلدان المعنية.

ونعوّل في هذا الصدد على دعم السلطات المؤقتة وجميع الجهات الفاعلة الليبية، فضلًا عن التزام شركاء ليبيا ووحدة صفوفهم بغية إتاحة إنهاء الأزمة الليبية التي تجول البلد وتزعزع استقراره منذ عشرة أعوام. وإني على قناعة، شأني في ذلك شأنكم، أنّ فرنسا ستفي بالتزاماتها على أكمل وجه. وشكرا لكم.