الذكرى العاشرة لاندلاع النزاع السوري - تصريح وزير أوروبا والشؤون الخارجية السيد جان إيف لودريان (15 آذار/مارس 2021)

حصة

مضت عشرة أعوام على خروج الآلاف من السوريين إلى الشوارع سلميًا للمطالبة باحترام أبسط حقوقهم الأساسية. وأثار الرد الوحشي والعشوائي لنظام بشار الأسد ودوره في اندلاع النزاع الذي لحق ذلك أحد أخطر المشاريع الإجرامية وإحدى أخطر الأزمات الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.

وتقع مسؤولية هذه المأساة على عاتق النظام السوري وجميع الأطراف الخارجية التي تدعمه. ويتجلى حجم هذه المأساة في الأرقام التالية، إذ لقي أكثر من 400 ألف سوري حتفهم، ونزح أو لجأ 13 مليون شخص، وهو عدد يفوق نصف السكان، وتعيش نسبة 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر. ولم تنفك فرنسا تدعم الشعب السوري منذ اندلاع النزاع، وستُعرب عن التزامها مجددًا في إطار الدورة الخامسة المقبلة لمؤتمر بروكسل بشأن مستقبل سورية الذي سيُعقد في يومي 29 و30 آذار/مارس المقبلين.

وسجل النزاع السوري إعادة استخدام الأسلحة الكيميائية الذي كان محظورًا منذ قرابة قرن، وإنّ استخدام النظام السوري لهذه الأسلحة الموثّق وغير القابل للدحض، وفي مناسبات عديدة، بما في ذلك بعد انضمامه إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في شهر أيلول/سبتمبر 2013، أمر غير مقبول ولن يتم قبوله. ونفذت فرنسا إلى جانب حلفائها العمليات المسلحة اللازمة في عام 2018. وما تزال تستنفر كل طاقتها من أجل الاستجابة على نحو ملائم، وذلك في إطار كل من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وكذلك في الإطار المخصص للشراكة الدولية من أجل مكافحة إفلات مستخدمي الأسلحة الكيميائية من العقاب أو لدى المحاكم الوطنية التي أحيلت بعض القضايا إليها بالفعل. وتضطلع فرنسا بدورها بغية إتاحة إدلاء نساء ورجال شهاداتهم على هذه الجرائم.

وتلتزم فرنسا منذ عهد بعيد بألا يفلت جميع مرتكبي الجرائم في سورية من العقاب، وهو ما يمثل واجبًا أخلاقيًا وشرطًا أساسيًا مسبقًا لأي حل سياسي طويل الأمد في سورية. وستواصل فرنسا دعم عمل لجنة التحقيق الدولية والآلية الدولية المحايدة والمستقلة تحقيقًا لهذا الغرض. واستهلت محاكم فرنسية وألمانية تحقيقات عدّة في هذا الشأن. وستقدم الحكومة الفرنسية كل مساهمة مجدية من أجل تعزيز العدالة والحد من الإفلات من العقاب.

وتعتزم فرنسا مواصلة عملها الحازم من أجل مكافحة الإرهاب في سورية، وذلك إلى جانب شركائها في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش والقوات الشريكة ميدانيًا. ويتطلب هذا العمل الحازم، فضلًا عن مساره العسكري، إرساء الاستقرار في الأراضي المحررة من قبضة الجماعة الإرهابية، من أجل منع عودة ظهورها.

وتحشد فرنسا جهودها من أجل الشعب السوري منذ اندلاع النزاع، إذ خصص رئيس الجمهورية الفرنسية مبلغ بقيمة 50 مليون يورو في عام 2018 من أجل برنامج طارئ يرمي إلى تمويل المشاريع في المجال الإنساني والمشاريع الرامية إلى إرساء الاستقرار. وجُددت هذه المساعدة السنوية في عام 2021، وللعام الرابع على التوالي، بغية تلبية احتياجات الفئات السكانية الأكثر تعرضًا للخطر التي ترزح تحت وطأة الأزمة الإنسانية المنقطعة النظير.

وستواصل فرنسا، مع شركائها في الاتحاد الأوروبي، اشتراط إعادة إعمار سورية وتطبيع العلاقات مع دمشق بتنفيذ حل سياسي دائم ويتسم بالمصداقية، ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ولن تكون الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها هذا العام في سورية حرة ولا نظامية، وسيتعذر استخدامها أداة للتحايل على هذا الحل السياسي. وستواصل فرنسا العمل مع شركائها من أجل التوصل إلى حل سياسي من أجل سورية بلد مستقر وسيادي، ولخدمة الشعب السوري.