رموز الجمهورية

حصة

العلم الفرنسي

العلم الثلاثي الألوان هو الشعار الوطني للجمهورية الخامسة، الذي تألف في ظل الثورة الفرنسية من ضم ألوان الملك (اللون الأبيض) إلى ألوان بلدية باريس (الأزرق والأحمر). وفي يومنا هذا يرفرف العلم الثلاثي فوق جميع المباني العامة، ويرفع في معظم الاحتفالات الرسمية سواء المدنية أو العسكرية.
لا يوجد حتى الآن مؤرخون متخصصون بالعلم الفرنسي، لذا لا يزال أصله مجهولاً إلى حد بعيد، وهو مما يترك مجالاً لتعدد الحكايات والنوادر التي حتى لو لم يتم التحقق منها فإنها تضفي على منشأ العلم الوطني مزيداً من الرونق بل والشاعرية، إذ يُقال أن العديد من المشاهير سبروا غوره لتنميق ألوانه.

وكان العلم الثلاثي شارة وطنية قبل أن يصبح علماً. إذ يروي المركيز لافاييت إنه أرغم لويس السادس عشر عند توجهه إلى بلدية باريس بعد مرور ثلاثة أيام على اقتحام الباستيل على ارتداء الشارة الوطنية الثلاثية الألوان، التي يمثل فيها اللون الأبيض المَلكية ويمثل اللونان الأزرق والأحمر بلدية باريس، باعتبار هذه الشارة رمز "الاتحاد العظيم والأبدي بين الملك والشعب". وبهذا ضمن المركيز لافاييت نجاح الشارة الوطنية الثلاثية الألوان، رمز الوطنية.

واتخذ العلم الثلاثي الألوان صورته النهائية في 15 شباط/فبراير 1794(الموافق للسابع والعشرين من شهر المطر لعام اثنين، حسب التقويم الجمهوري الفرنسي) عندما أصدرت الجمعية التأسيسية الوطنية مرسوماً ينصّ على أن الراية الوطنية "تتألف من ثلاثة ألوان وطنية مرتبة بخطوط عمودية، بحيث يكون اللون الأزرق متصلاً بسارية العلم واللون الأبيض في الوسط واللون الأحمر يرفرف في الهواء". وتروي الأسطورة أن الرسّام لويس دافيد هو من اختار ترتيب ألوان العلم.

نشيد "لا مارسييز" من تأليف روجيه دي ليل

تحول نشيد "لا مارسييز"، الذي كان في الأصل أغنيةً حرب ثورية ونشيداً للحرية، تدريجياً للنشيد الوطني الفرنسي. ويتم عزف النشيد الوطني في يومنا هذا في معظم المناسبات الرسمية.

وليس هناك من صيغة موحدة لنشيد "لا مارسييز" الذي تم تلحينه بصيغ مختلفة منذ البداية، مع أو بدون غناء. وعليه أعلِن نشيد "لا مارسييز" نشيداً وطنياً في عام 1879 دون تحديد اللحن المعتمد، وهو مما كان يؤدي إلى حدوث فوضى عارمة عندما كانت تجتمع عدة فرق موسيقية لتؤدي النشيد.

وحدّدت لجنة عام 1887 المؤلفة من موسيقيين محترفين الصيغة الرسمية للنشيد بعدما قامت بتنقيح النص التلحيني والإيقاع.

وكان الرئيس فاليري جيسكار دستان يرغب في الرجوع إلى الأداء الأقرب إلى الأداء الأصلي للنشيد فأمر بإبطاء إيقاعه. والصيغة التي تعزف في يومنا هذا في المناسبات الرسمية هي صيغة معدّلة لنشيد عام 1887. وبموازاة ذلك، قام عدد من موسيقيي المنوعات والجاز بإعادة توزيع "لا مارسييز.

ماريان

مع أن دستور عام 1958 خصّ العلم الثلاثي الألوان بتمثيل الشعار الوطني الفرنسي، إلا أن ماريان تجسد أيضاً الجمهورية الفرنسية. ظهرت أولى تمثيلات المرأة ذات الطاقية الفريجية، التي ترمز إلى الحرية وإلى الجمهورية، في ظل الثورة الفرنسية. وكان الرقيق المحررون في اليونان وروما القديمتين يرتدون القبعة الفريجية رمزاً إلى الحرية. كما كان الملاحون والمحكومون بالأشغال الشاقة في منطقة البحر الأبيض المتوسط يعتمرون هذا النوع من الطواقي. وفيما يبدو فإن الثوّار القادمون من منطقة ميدي في جنوب فرنسا هم الذين استعاروا هذه الطاقية.

ولا يُعرف بالتأكيد أصل تسمية ماريان، فقد كان اسم ماري-آن شائعاً جداً في القرن الثامن عشر وكان يمثل الشعب، بيد أن أنصار الثورة المضادة أطلقوا هم أيضاً هذا الاسم على الجمهورية من باب التهكم.

وتكاثرت تماثيل ماريان ولا سيما تماثيلها النصفية في ظل الجمهورية الثالثة وخصوصاً في البلديات. وأصبحت ماريان تتخذ صورة وجه ممثلة من الممثلات الشهيرات الآن، كما تظهر صورها على أغراض واسعة الانتشار مثل الطوابع البريدية. وألهمت ماريان الأعمال الفنية أيضاً على غرار اللوحة المبيّنة أدناه (على يمين الصفحة).

الحرية والمساواة والأخوة

رُفع شعار "الحرية والمساواة والأخوة" الموروث عن عصر التنوير أول مرة إبّان الثورة الفرنسية. وطالما تعرض هذا الشعار للطعن إلا أنه فرض نفسه في النهاية في ظل الجمهورية الثالثة، وأدرِج في دستور عام 1958 وهو يمثل اليوم جزءاً من تراثنا الوطني.

إن الكاتب فرانسوا فنلون هو من أقام رابطاً بين مفاهيم الحرية والمساواة والأخوة في أواخر القرن السابع عشر، ثم انتشرت هذه المفاهيم على نطاق أوسع في عصر التنوير. وكان شعار "الحرية والمساواة والأخوة" أحد الشعارات التي رُفعت إبّان الثورة الفرنسية. واقترح روبسبير في الخطاب الذي ألقاه في كانون الثاني/ديسمبر 1790 بشأن تنظيم الحرس الوطني، كتابة العبارتين "الشعب الفرنسي" و"الحرية والمساواة والأخوة" على البزّات والأعلام، لكن مشروعه لم يُعتمد.

وتم نقش هذا الشعار على قواصر المباني العامة بمناسبة احتفالات 14 تموز/يوليو 1880. وضَُمِّن دستورا عامي 1946 و 1958 هذا الشعار الذي يمثل في يومنا هذا جزءاً لا يتجزأ من
تراثنا الوطني. كما يظهر الشعار على أغراض واسعة الانتشار مثل القطع النقدية والطوابع.

"14 يوليو / تموز"

عام 1880، أقرت الجمهورية الثالثة في فرنسا عيدا وطنيا حددته يوم 14 يوليو / تموز، أي في ذكرى الإستيلاء على سجن الباستيل الذي جرى في 14 يوليو/تموز 1789. وأرادت أن تشكل هذه الذكرى التي هدفت إلى جمع الفرنسيين حول قربان الوطن، صدى لعيد الفيدرالية في 14 يوليو/تموز 1790 - مرادف المصالحة الوطنية.

في 21 مايو/أيار 1880 تقدم نائب عن باريس هو بنجامان راسباي بمشروع القانون التالي نصه "تتبنى الجمهورية يوم 14 يوليو/تموز عيدا وطنيا سنويا".

وشيئا فشيئا جرى تشجيع الاحتفالات العلمانية في المدارس، وتدشين نُصب الجمهورية وتوزيع الأغذية على المحتاجين، وإنارة الشوارع وقرع الأجراس وارتفعت الزينة وأقيمت العروض العسكرية، في مختلف أنحاء فرنسا، حسب الموازنات المتوافرة في البلديات.

هكذا أصبح العيد الوطني في الـ14 من يوليو / تموز عطلة وعيدا يعبر عن الاحتفالات بذكريات مشتركة وبآمال جماعية، تمجد التاريخ الأسطوري في فرح ليلة صيفٍ، تتلألأ فيها الألعاب النارية وتوفر للمواطنين فرصة الإجتماع حول شعار الجمهورية الفرنسية : "حرية، إخاء، مساواة."

الديك

يعود ظهور الديك إلى التاريخ القديم حيث كان يُنقش على القطع النقدية للغاليين. ثم أصبح رمزاً لبلاد الغال والغاليين، إذ إن كلمة. "gallus" باللاتينية تعني في نفس الوقت الديك والغالي

واختفى هذا الرمز في القرون الوسطى ليظهر مجدداً في ألمانيا منذ القرن الرابع عشر باعتباره رمزاً لفرنسا. وابتداءً من القرن السادس عشر أصبح ملك فرنسا يظهر بمعية هذا الطير في الأعمال التصويرية والقطع النقدية وغيرها.

ومع أن الجمهورية الفرنسية تفضل رمز ماريان على الديك في يومنا هذا، إلا أنه لا زال يظهر على ختم الدولة الذي يعود للجمهورية الثانية على الصورة التالية: الحرية جالسة على دفة منقوش عليها رسم الديك وممسكة بمجموعة قضبان محزومة على فأس. ويُستخدم الديك على نحو خاص في الخارج للإشارة إلى فرنسا ولا سيما بوصفه شعاراً رياضياً.

الخاتم

يعتبر الخاتم العلامة المميزة ورمز السلطة، ويعود استعماله إلى العصور الوسطى وإلى عهد النظام القديم إذ استعملته مختلف السلطات المدنية والدينية والملك نفسه. ويقتصر استعمال الخاتم في يومنا هذا على المناسبات الرسمية مثل توقيع الدستور وتعديلاته. والخاتم الحالي للجمهورية هو خاتم الجمهورية الثانية الذي سُكّ في عام 1848.

واعتمدت الجمهوريات الثالثة والرابعة والخامسة نفس الخاتم. وعلى ما يبدو لم يُختم إلا الدستور بالخاتم في ظل الجمهورية الرابعة. وتم منذ عام 1958 حفظ الدستور وبعض القوانين الدستورية المعدّلة بطريقة رسميةً من خلال ختمها بشمع أصفر وضِع على شريط حريري ثلاثي الألوان. فهكذا تم ختم القانون الدستوري رقم 2008-724 المؤرخ في 23 تموز/يوليو 2008 الخاص بتحديث مؤسسات الجمهورية الخامسة.

القضبان المحزومة على الفأس

يمثّل الجزء المركزي من الرسم مجموعة قضبان طويلة ودقيقة محزومة بشريط حول فأس.

ويغطي درع نُقِش عليه الحرفان الأولان من اسم الجمهورية الفرنسية (RF) الحزمة. وتحيط أغصان البلوط والزيتون بالرسم، إذ يرمز البلوط للعدل، أما الزيتون فيرمز للسلام.

يُستخدم شعار القضبان المحزومة على الفأس عادة لتمثيل الجمهورية الفرنسية، مع أن هذا الرمز ليس له أي طابع رسمي في يومنا هذا.

لمحة تاريخية: كلمة "ليكتور"، التي تعني الفأس بالفرنسية، أصلها من روما القديمة حيث كان يُطلق هذا الاسم على خدم الحكام الذين يضطلعون بتنفيذ أحكام أسيادهم، والذين كانوا يحملون فأسا مغطاة بحزمة قضبان. أعادت الثورة الفرنسية تفسير هذا الرمز فأصبحت حزمة القضبان ترمز لوحدة المواطنين الفرنسيين المتحدين للدفاع عن الحرية وقوتهم.

ووُضع هذا الرمز على خاتم الجمهورية الأولى ثم الجمهورية الثانية، ولا يزال مستخدما في يومنا هذا.