أنشطة فرنسا الرامية إلى النهوض بحقوق مجتمع الميم

حصة

ما انفكت أوجه التمييز والعنف والكراهية إزاء مجتمع الميم واقعًا في فرنسا والعالم. وكانت فرنسا في طليعة حماية حقوق مجتمع الميم. واستهلت في عام 2008 الحملة الأولى من أجل إلغاء تجريم المثلية الجنسية عالميًا ببيان أصدرته خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة وقع عليه 66 بلدًا وباستحداثها صندوقًا تنتفع به منظمات المجتمع المدني. وتستمر فرنسا بفعل دورها الريادي في هذا المجال في حشد جهود شبكتها الدبلوماسية والدعوة إلى الاعتراف بحقوق مجتمع الميم وحمايتها في الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية على غرار منظمة الأمم المتحدة.

تعريف مجتمع الميم

بدأ استخدام عبارة مجتمع الميم في التسعينات. واستبدل مصطلح "مثلي الجنس" أو "Gay" الذي اعتُبر تقييديًا، بعبارة مجتمع الميم التي تشمل الميول الجنسية المتمثلة في المثليين أو المثليات أو المزدوج الميل الجنسي أوالهوية الجنسانية أعلى غرار الأشخاص مغايري الهوية الجنسانية. ويستخدم لفظ مجتمع من أجل شمل جميع الميول الجنسية والهويات الجنسانية وأوجه التعبير عنها. ويضم كذلك حاملي صفات الجنسين.

إلغاء تجريم المثلية الجنسية وحماية حقوق مجتمع الميم يمثلان أولوية للدبلوماسية الفرنسية

ألغى 132 عضوًا من أعضاء الأمم المتحدة تجريم المثلية الجنسية، بينما يزال 67 بلدًا يجرّمها ومن ضمنهم 11 بلدًا [1] يعاقبون عليها بالإعدام من بين عقوبات أخرى.

حقوق مجتمع الميم في العالم

وتناضل فرنسا من أجل إلغاء جميع الأحكام القانونية التي تجرم المثلية الجنسية ومغايرة الهوية الجنسانية. وتقوم بذلك باسم حقوق الإنسان التي تعهدت جميع الدول الالتزام بها من خلال عدة نصوص دولية ولا سيما باسم الحق في الحياة الشخصية والعائلية والحق في عدم الخضوع للتمييز والحق في أمان الفرد وحريته ويشمل ذلك عدم خضوعه إلى الاعتقال التعسفي وإلى المعاملة السيئة.

ولا يقتصر نضال فرنسا على إلغاء تجريم المثلية الجنسية أو مغايرة الهوية الجنسانية بل يشمل كذلك تحقيق احترام جميع حقوق مجتمع الميم بصورة تامة ولا سيما حرية التعبير والاجتماع الذان غالبًا ما تعرقلها القوانين التي تحظر التطرق إلى المسائل المرتبطة بمجتمع الميم في الأماكن العامة أو التي تمنع عمل المنظمات غير الحكومية الناشطة في هذا المجال. وتشجع فرنسا الدول على عدم الاكتفاء برفع القيود القانونية بل على اعتماد قوانين وسياسات من أجل التصدي لكراهية المثلية الجنسية ومغايرة الهوية الجنسانية بصورة حازمة. وتوفّر خبرتها في هذا المجال، ولا سيما من أجل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمدافعين عنها والوزارات المكلفة بالأمن والعدالة.

وتحشد الشبكة الفرنسية للسفارات الثنائية، التي تحتل المركز الثالث عالميًا، جهودها من أجل التذكير بمواقف فرنسا الثابتة والإعراب عن قلقها عندما يسوء وضع مجتمع الميم ومواكبة البلدان المستعدة للالتزام في سبيل إلغاء تجريم المثلية الجنسية ومغايرة الهوية الجنسانية أو من أجل تعزيز احترام حقوق مجتمع الميم.

وأقرّت فرنسا كذلك أن الاضطهاد بسبب الميل الجنسي والهوية الجنسانية يندرج في معايير طلب اللجوء.

سفير من أجل حقوق مجتمع الميم

أعلنت وزارة أوروبا والشؤون الخارجية يوم 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2022 تعيين سفير من أجل الدفاع عن حقوق مجتمع الميم. وتثبت هذه المهمة الموكلة إلى السيد جان مارك برتون أن النضال ضد أوجه العنف والتمييز إزاء مجتمع الميم تمثل أولوية أساسية للسياسة الخارجية الفرنسية.

وورد في البيان أن "السفير سيؤكد الالتزام الذي قطعته فرنسا من أجل إلغاء تجريم المثلية الجنسية في العالم والدفاع عن حقوق مجتمع الميم وأنه سيدعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل في أغلب الأحيان في ظروف صعبة دعمًا تامًا".

حساب جان مارك برتون على تويتر

ائتلافات من أجل الترويج لحقوق مجتمع الميم

أُسس في عام 2016 الائتلاف من أجل المساواة في الحقوق الذي يجمع 42 دولة من مختلف القارات بغية تنسيق الجهود الدولية في مجال حقوق مجتمع الميم وتتشارك اليوم في رئاسته كل من ألمانيا والمكسيك. وتؤدي فرنسا دورًا فاعلًا فيه.

وتتشاور البلدان الأكثر انخراطًا في هذا المجال بانتظام فيما بينها في الأمم المتحدة في نيو يورك وجنيف من أجل بلورة مواقف مشتركة والدفاع عنها معًا من أجل زيادة مراعاة حماية مجتمع الميم في المفاوضات المتعددة الأطراف.

أما في الاتحاد الأوروبي، فتجري مبادلات بين الدول المتوافقة على سيادة القانون والحقوق الأساسية بصورة منتظمة في هذا المجال. وعلاوة على ذلك، أسست في عام 2021 مجموعة فرعية منبثقة عن المجموعة الرفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأوروبي التي تعنى بالتصدي للجرائم وخطابات الكراهية وتجتمع حاليًا بصورة منتظمة.

فرنسا تدافع عن حقوق مجتمع الميم في المحافل المتعددة الأطراف والأوروبية

تحشد فرنسا جهودًا حثيثة في الأمم المتحدة من أجل التصدي للوصم وللانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان التي يعاني منها مجتمع الميم في جميع أنحاء العالم.

عرضت كل من فرنسا وهولندا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نص الإعلان المرتبط بحقوق الإنسان والميل الجنسي والهوية الجنسانية في عام 2008. ويبلغ عدد الدول الموقعة عليها 70 دولة في عام 2023.

وغالبًا ما تنضم فرنسا إلى البيانات المشتركة والفعاليات رفيعة-المستوى المخصصة لأوجه العنف والتمييز إزاء مجتمع الميم في المحافل متعددة الأطراف وذلك بوصفها عضوًا في الفريق الأساسي المعني بمسائل مجتمع الميم في الأمم المتحدة في نيويورك الذي يتضمن على 42 دولة وعضوًا في مجموعة أصدقاء الخبير المستقل المعني بالحماية من العنف والتمييز القائمين على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسانية في جنيف.

وأسهمت فرنسا في عام 2011 في صياغة القرار بشأن الميل الجنسي والهوية الجنسانية في مجلس حقوق الإنسان. ودعمت كذلك تأليف فريق منقطع النظير يعنى بالميل الجنسي والهوية الجنسانية خلال الدورة التاسعة عشرة للمجلس في عام 2012.
وشاركت فرنسا بصورة فاعلة في اعتماد مجلس حقوق الإنسان في عام 2014 قرارًا يدين أوجه التمييز والعنف المبنية على الميل الجنسي والهوية الجنسانية.

واعتمد مجلس حقوق الإنسان في عام 2016 قرارًا آخر يتعلق بأوجه العنف والتمييز المبنية على الميل الجنسي والهوية الجنسانية. وأفضى هذا القرار للمرة الأولى في هذا الإطار إلى إنشاء ولاية الخبير المستقل في الحماية من العنف والتمييز المستندين إلى الميل الجنسي والهوية الجنسانية

واعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي كانت تترأسه فرنسا في 12 حزيران/ يونيو 2016 بيانًا في أعقاب هجوم أورلاندو يدين الهجوم وطابعه المعادي للمثليين. وكانت المرة الأولى التي يصدر فيها عن مجلس الأمن بيانًا يشير إلى الميل الجنسي للضحايا والمتضررين. وعقد اجتماع رفيع المستوى في 16 حزيران/ يونيو 2016 في ستونوول إن في نيويورك، وهو مكان ذات رمزية هامة للمناضلين من أجل حقوق مجتمع الميم بناءً على مبادرة الممثلة الدائمة للولايات المتحدة الأمريكية في منظمة الأمم المتحدة. وشاركت فرنسا و15 بلدًا آخر والاتحاد الأوروبي في هذا الاجتماع.

وتدافع فرنسا في جميع المحافل الدولية المتخصصة عن مواقف ولغة تقدمية. وتحرص بصورة خاصة على أن تكون برامج منظمة العمل الدولية ومنظمة الصحة العالمية شاملة ولا سيما لمجتمع الميم.

وتظهر هذه المبادرات تقدم هذه المسألة تدريجيًا في الأمم المتحدة والدول والتزام فرنسا وشركائها على نحو ثابت في هذا الموضوع.

وتنخرط فرنسا في الاتحاد الأوروبي في تنفيذ الاستراتيجية الأوروبية الأولى من أجل المساواة في حقوق مجتمع الميم للفترة 2020-2025 التي نشرتها المفوضية. وتناضل فرنسا من أجل اعتراف جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالحقوق المتعلقة بزواج المثليين والظروف التي عاشتها عائلات مجتمع الميم بغية توسيع نطاق لائحة المخالفات الجزائية الأوروبية لتشمل الجرائم وخطابات الكراهية فيها ومنها الجرائم والخطابات ضد أفراد مجتمع الميم وحتى من أجل حظر العلاج التحويلي.

وشاركت في عام 2023 في مفاوضة نص متعلق بالتوجه السياسي العام واستنتاجات المجلس بشأن أمن مجتمع الميم في الاتحاد الأوروبي. وتستمد المبادئ المندرجة في هذه الاستنتاجات من الاستراتيجية وترمي إلى تنفيذها. وكانت الرئاسة السويدية لمجلس الاتحاد الأوروبي قد عرضت هذه المبادئ.

وتولي فرنسا كذلك عنايةً لاحترام الدول الأعضاء حقوق مجتمع الميم. ودعمت في نيسان/ أبريل 2023 دعوى عدم الامتثال التي رفعتها المفوضية الأوروبية إلى محكمة العدل الأوروبية ضد هنغاريا في سياق إصدار قانون معادٍ لمجتمع الميم في عام 2021. ويعد هذا الالتزام غير مسبوق ويثبت رغبة فرنسا في التنبه إلى تراجع مراعاة حقوق مجتمع الميم في الاتحاد الأوروبي.

وتدعم فرنسا أخيرًا عمل المفوضية الأوروبية الخارجي من أجل حقوق مجتمع الميم. وقررت المفوضية تخصيص 15 مليون يورو من أجل أنشطة عالمية في سبيل عدم التمييز والإدماج وذلك في إطار البرنامج المواضيعي بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية.

فرنسا تدعم منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن الحقوق الذين يعملون من أجل حقوق مجتمع الميم في أنحاء العالم كافة

تلتزم فرنسا وشركاؤها الدوليون من المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في تعزيز حقوق مجتمع الميم والدفاع عنها من خلال المساعدة الإنمائية الرسمية.

ويتصدر هدف تعزيز حقوق الإنسان، التي تشمل إلغاء تجريم المثلية الجنسية ودعم المدافعين عن حقوق الإنسان [2]، قائمة أولويات السياسات الإنمائية الفرنسية [3]. وتدرج فضلًا عن ذلك فرنسا سياسة التعاون الإنمائي التي تنتهجها في نهج يقوم على حقوق الإنسان التي توجه عمل الشركاء في مجال التنمية، ولا سيما من خلال إقامة المشاريع على مبادئ الشرعية والطابع العالمي وعدم التمييز والإدماج.

وتدعم وزارة أوروبا والشؤون الخارجية، ولا سيما من خلال شبكتها الدبلوماسية، عدد من مشاريع المنظمات غير الحكومية الأجنبية الرامية إلى تعزيز حقوق مجتمع الميم والدفاع عنها. ويتيح صندوق التضامن الأولوي التابع لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية المتمثل للمنظمات غير الحكومية الناشطة في هذه القضايا الانتفاع بآلية مبادرات منظمات المجتمع المدني التابعة للوكالة الفرنسية للتنمية بغية تعزيز هذا العمل مع المجتمع المدني.

وينتفع عدد كبير من الأشخاص من مجتمع الميم كذلك بالأنشطة الفرنسية الدولية الرامية إلى مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، التي تتأثر به هذه الفئة من السكان بصورة خاصة. وينتفع هؤلاء أيضًا من المبادرة وهي برنامج للوكالة الفرنسية للخبرة الفنية الدولية يساعد الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز من بين أمراض أخرى ولا سيما الأشخاص من مجتمع الميم وذلك فضلًا عن برامج الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا الذي تحتل فرنسا فيه المرتبة الثانية في قائمة الجهات المانحة العامة.

وخصصت فرنسا في الفترة ما بين 2017 و2022 مبلغًا قدره 29 مليون يورو من أجل مجتمع الميم وستخصص مبلغًا إضافيًا بقيمة 10 ملايين يورو في السنوات الثلاث القادمة.

أوروبا منخرطة من أجل مساواة مجتمع الميم

استعرض الاتحاد الأوروبي في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 استراتيجيته الأولى من أجل مساواة مجتمع الميم في الاتحاد الأوروبي. وتنطوي هذه الاستراتيجية على أعمال تشريعية وغير تشريعية في المجلس، وحشد جهود عدة موظفين في القسم المالي من أجل تحقيق مراعاة حقوق مجتمع الميم. وتتمحور هذه الاستراتيجية حول المحاور الأربعة التالية:

  • مكافحة أوجه التمييز ولا سيما في أماكن العمل؛
  • ضمان أمن الأشخاص من مجتمع الميم؛
  • حماية حقوق عائلات مجتمع الميم وإمكانية اعتراف الدول الأعضاء على نحو متبادل بالشركاء المثليين؛
  • دعم المساواة في حقوق مجتمع الميم في أنحاء العالم كافة.

نشرت المفوضية الأوروبية تقرير منتصف المدة لتنفيذ الاستراتيجية. ويسجل هذا التقرير إحراز تقدم حقيقي وتسليط الضوء على الفجوات التي تستطيع المؤسسات الأوروبية والدول الأعضاء أن تسدها بحلول عام 2025.

واعتمد النواب الأوروبيين في 11 آذار/ مارس 2021 قرارًا يعترف بمجموعة الأراضي الأوروبية في بعض بلدان الاتحاد الأوروبي. وبصورة عامة، ينشط الفريق المشترك المعني بحقوق مجتمع الميم في البرلمان الأوروبي إلى حد كبير بغية الترويج لحقوق مجتمع الميم في جميع النقاشات التشريعية الأوروبية والدفاع عنها.

وتأمل فرنسا أن تستطيع الدول الأعضاء تجديد التزاماتها من خلال اعتماد استنتاجات المجلس بشأن أمن مجتمع الميم في الاتحاد الأوروبي في حزيران/ يونيو 2023.

[1أفغانستان، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وإيران، وموريتانيا، ونيجيريا، وعمان، وباكستان، وقطر، والصومال، واليمن.

[2أضفي الطابع الرسمي على التصور الفرنسي لهذا النهج في الاستراتيجية "حقوق الإنسان والتنمية" التي تعرف دعم المدافعين عن حقوق الإنسان بالأولوي.

[3القانون المنهجي الصادر في 4 آب/أغسطس 2021 بشأن التنمية التضامنية ومكافحة انعدام المساواة على الصعيد العالمي.

روابط هامة