جان مارك إيرولت بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: "إن لم نخرج من الطريق المسدود فسنهرول إلى الكارثة"

حصة

صحيفة لو موند، 2/6/2016، الساعة 11 و 26 دقيقة صباحا، أجرى المقابلة مارك سيمو وكريستوف عيّاد

تعقد السلطات الفرنسية اجتماعا وزاريا بشأن الشرق الأوسط، يوم الجمعة الموافق 3 حزيران/يونيو، في باريس، بمشاركة وزراء الشؤون الخارجية أو ممثلين عن زهاء ثمانية وعشرين بلدا ومنظمة دولية، من أجل استئناف عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية التي بلغت طريقا مسدودا. يشرح الوزير الفرنسي للشؤون الخارجية السيد جان مارك إيرولت مقومات هذه المبادرة لصحيفة لو موند.

ما الداعي لعقد اجتماع كهذا الآن؟

إننا نرغب في تغيير الوضع القائم حاليا، فالوضع الميداني يتدهور، ولا سيّما في الأراضي الفلسطينية، ويتواصل الاستيطان بصورة منظّمة أو عشوائية. ويتجلى بكل وضوح لأي زائر يصل إلى عين المكان تقلص المساحة المتوفرة لإقامة دولة فلسطينية. ومن جهة أخرى، يستغل تنظيم داعش [تنظيم الدولة الإسلامية] حالة اليأس في الأراضي الفلسطينية والمخيمات في الأردن ولبنان لترويج دعايته. ويسجّل كل من يحرص على السلام ويرجو الأمن لهذه المنطقة هذه الحقيقة ذاتها. فقد أجريت مشاورات واسعة النطاق وتبيّن لي أن بلدان المنطقة قلقة من هذا الوضع المنعدم الأفق.
ولم ينفك موقف فرنسا يدعو إلى حل الدولتين، أي دولة إسرائيلية ودولة فلسطينية تعيشان الواحدة بجانب الأخرى بسلام وأمن، وعاصمتهما المشتركة القدس. وقد عرض الرئيس فرانسوا ميتران هذا الحل أمام الكنيست في عام 1982، إبّان زيارته التاريخية في ذاك العام. لكن هذا المنظور يتبدد، والمفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين معدومة، لذا يجب اتخاذ المبادرة على المستوى الدولي من أجل إحداث ظروف مؤاتية لاستئناف المفاوضات.

هل بوسع هذه المبادرة أن تحقّق النجاح أكثر من المبادرات السابقة التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية، ولا سيّما مبادرة وزير الخارجية جون كيري؟

بذل وزير الخارجية الأمريكي جهودا جمة في الوساطة بين الطرفين، واستنتاجه مشابه لاستنتاجنا، أي أنه يجب إحداث مناخ جديد على الصعيد الدولي لنقول للطرفين ما يلي: إننا لن نقوم بالتفاوض نيابة عنكما، وأنها مسؤوليتكما، الإسرائيليين والفلسطينيين، لكننا نرغب في مساعدتكما. لقد انعقد المؤتمر الدولي الماضي في أنابوليس (في الولايات المتحدة الأمريكية) قبل تسعة أعوام خلت، لذا فنحن نطمح إلى إعادة تعبئة جهود المجتمع الدولي.
وفي هذا المنظور، ننطلق من كل العمل المنجز حتى الآن، أي: قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومبادئ مدريد، أي "الأرض مقابل السلام"، ومبادرة السلام العربية لعام 2002، وخريطة الطريقة الصادرة عن اللجنة الرباعية [الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا ومنظمة الأمم المتحدة]. وسأقترح في 3 حزيران/يونيو تأليف فرق عمل تتولى جرد مساهمات مختلف البلدان الحاضرة، بغية الكشف عن مكاسب السلام للإسرائيليين والفلسطينيين.

ماذ يعني ذلك عمليا؟

إنني أرمي إلى تحقيق هدفين في ختام هذا الاجتماع وهما: تأكيد عقد مؤتمر بحضور الطرفين بحلول نهاية العام، وإقامة عدة فرق عمل. وستضطلع إحدى هذه الفرق بموضوع المحفزات الاقتصادية، ومنها على سبيل المثال اقتراح إقامة شراكة مميزة مع الاتحاد الأوروبي، وتوقيع اتفاق شراكة بين الاتحاد الأوروبي والدولة الفلسطينية المقبلة. وسيركز فريق عمل آخر جهوده على البيئة الإقليمية والضمانات الأمنية.

تدعم السلطة الفلسطينية هذا النهج، فهل تتوقعون منها شيئا آخرا؟

كما سبق وقلت في أثناء اللقاءين اللذين عقدتهما مع الرئيس [محمود] عباس، هنالك مهمة ملقاة على عاتق الفلسطينيين وهي عقد المصالحة الفلسطينية وإقامة الوحدة بين الضفة الغربية وغزة. ولا يمكن القيام بذلك إلا على أساس واضح جدا، أي برنامج السلام والحوار الذي يحمله الرئيس الفلسطيني. ويتعيّن على حركة حماس أن تخطو الخطوة الأولى وتوافق على الإطار الذي حدّده المجتمع الدولي، أي الاعتراف بدولة إسرائيل والاتفاقات السابقة، ونبذ العنف.
أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن الحل الوحيد يرتكز على المفاوضات المباشرة.
هذه المفاوضات المباشرة غير قائمة في الوقت الراهن. وعندما التقيت بنيامين نتانياهو قال لي إنه يؤيد حل الدولتين، لكنه يعارض النهج الذي نقترحه. لكن تجاوز هذا الخلاف بشأن النهج أمر ممكن. إن لم نخرج من الطريق المسدود فسنهرول إلى الكارثة. لقد تغيرت الظروف، إذ هناك وقع كبير لتنامي الإرهاب، حتى في هذا الجزء من المنطقة، وهو يمثّل خطرا على إسرائيل. فرنسا هي صديقة إسرائيل، ويساورها قلق حقيقي في يومنا هذا إزاء أمن إسرائيل ومستقبلها.
أصبحت الحكومة الإسرائيلية أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل بعد تعيين أفيغدور ليبرمان وزيرا للدفاع.
إسرائيل هي دولة ديمقراطية، والشعب الإسرائيلي هو الذي يختار حكومته. وقد برزت خلافات علنية داخل الحكومة بحد ذاتها، وأسفرت عن استقالة أحد الوزراء. كما يوجد نقاشات داخل الجيش. وما من شأن مبادرتنا إلا أن تسهم في إحراز تقدم في النقاش، حتى داخل الحكومة الإسرائيلية.
كان من المقرّر في المشروع الأصلي اعتراف فرنسا بفلسطين في حال فشل هذه العملية. فلم لم يعد أحد يذكر هذه الفكرة؟
لو سألتكم قبل بضعة أشهر عن إمكانية عقد اجتماع كهذا لقلتم لي إنه أمر مستحيل. لقد سعيت إلى إحداث الشروط الكفيلة بعقد هذا الاجتماع، ولست أفكر بمنطق الفشل. وقد فهم محاوري الفلسطينيون ذلك تماما، وقرّروا من تلقاء ذاتهم سحب مشروع القرار بشأن الاستيطان الذي كانوا يرغبون في تقديمه للأمم المتحدة. ويجب أن يجتمع أكبر عدد ممكن من البلدان حول مائدة الحوار من أجل تجاوز انسداد الأفق وتحقيق حل الدولتين.

يخوض الأمريكيون الحملة الانتخابية، ألا يعقّد ذلك الأمور؟

لا شك أن هذا الوضع غير مريح تماما لإدارة الرئيس باراك أوباما، لكنه في الوقت ذاته يبرّر أكثر مبادرتنا من أجل استحداث حركية سلام. ويدرك جون كيري القصد من نهجنا وسيكون حاضرا في باريس، كما هو الحال بشأن عدة بلدان ومنظمات دولية أخرى. وتمثّل هذه المشاركة نتيجة سياسية جيدة، أرى فيها اعترافا بثبات التزام فرنسا ومواقفها بشأن هذا الصراع. وحتى عندما يعرب محاورونا عن اختلافهم بالرأي، لا أحد يشكّك في صدق فرنسا.

• مارك سيمو
صحافي في صحيفة لو موند
• كريستوف عيّاد
رئيس تحرير الزاوية الدولية